الأسود عن يساره ، فقال : والله لأقتلنّ رجلاً عظيم القدمين ، غاير العينين ، مشرف الحاجبين ، يهمز الأرض برجليه ، يرضى قتله أهل السماء والأرض ، فسمع الهيثم قوله ووقع في نفسه أنّه اراد عمر بن سعد ، فبعث ولده العريان فعرّفه قول المختار ، وكان عبدالله بن جعدة بن هبيرة أعز الناس على المختار وقد أخذ لعمر أماناً من المختار حيث اختفى فيه وصورة الأمان هكذا : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا أمان المختار بن أبي عبيدة الثقفي لعمر بن سعد بن أبي وقاص ، إنك آمن بآمان الله على نفسك وأهلك ومالك وولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قديماً ما سمعت وأطعت ولزمت منزلك إلّا أن تحدث حدثاً ، فمن لقى عمراً من شرطة الله وشيعة آل محمد فلا يعترّضها له بسبيل خير والسلام ثم شهد فيه جماعة.
قال الباقر عليهالسلام : إنّما قصد المختار أن يحدث حدثاً هو أن يدخل بيت الخلاء ويحدث.
فظهر عمر إلى المختار فكان يدينه ويكرمه ويجلسه معه على سريره ، ولمّا تكلّم المختار بتلك الكلمات ـ الآنفة الذكر ـ علم اللعين أن قول المختار كناية عنه ، فعزم على الخروج من الكوفة فأحضر رجلاً من بني تيم اللات اسمه مالك وكان شجاعاً وأعطاه أربعمائة دينار ، وقال : هذه معك لحوائجنا وخرجا ، فلمّا كان عند حمام عمر أو نهر عبدالرحمن وقف وقال : أتدري لم خرجت؟ قال : لا ، قال : خفت المختار ، فقال : ابن دومة ـ يعني اُم المختار ـ أضيق إستاً من أن يقتلك ، وإن هربت هدم دارك وانتهب عيالك ، وخرب ضياعك وأنت اعزّ العرب.
قال الراوي : فاغترّ عمر بن سعد بكلامه فرجعا على راحلتيهما ودخلا الكوفة مع الغداة ، هذا قول المرزباني ، وقال غيره : إنّ المختار علم بخروجه من الكوفة فقال : وفينا وغدر وفي عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق ما استطاع ، فنام عمر على الناقة فرجعت به إلى الكوفة ، وهو لا يدري حتى ردته إلى منزله ، قال :