عنها فكثير ، قال المنصور للإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام : إنّي هممت أن أبعث إلى الكوفة من ينقض منازلها ويجمر نخلها ويستصفي أموالها ويقتل أهل الربية منها فأشر عَلَيَّ ، فقال : (يا أمير المؤمنين إنّ المرء ليقتدي بسلفه ولك أسلاف ثلاثة ، سليمان اعطى فشكر ، وأيّوب ابتلى فصبر ، ويوسف قهر فغغر ، فاقتد بأيهم شئت) فصمت قليلاً ثم قال قد غفرت.
ويروى : أنّ زياد بن أبيه لمّا حصبه أهل الكوفة وهو يخطب على المنبر قطع أيدي ثمانين منهم وهمّ أن يخرب دورهم ويجمر نخيلهم ثم جمعهم حتى ملأ بهم المسجد والرحبة ليعرض عليهم البراءة من علي بن أبي طالب عليهالسلام وعلم أنهم سيمتنعون فيحتج بذلك على استأصالهم وإخراب بلدهم ، فقال عبدالرحمن بن السائب الأنصاري : فإنّي مع نفر من قومي والناس يومئذ في أمر عظيم إذ هومت تهويمة ، فرأيت شيئاً أقبل طويل العنق ، له عنق مثل عنق البعير ، أهدر أهدل فقلت : من أنت؟ فقال : أنا النقاد ذوالرقبة بعثت الى صاحب هذا القصر ، قال : فاستيقظت فزعاً فقلت لأصحابي : هل رأيتم مثل ما رأيت؟ قالوا : لا ، فأخبرتهم ، قال : ثم خرج علينا خارج من القصر فقالوا ، انصرفوا فإنّ الأمير يقول لكم إنّي عنكم اليوم مشغول وإذا بالطاعون قد ضربه فكان يقول : إنّي أجد في النصف من جسدي حر النار حتى هلك ، فقال عبدالرحمن بن السائب :
ما كان منتهياً عمّا أراد بنا |
|
حتى تناوله النقّاد ذو الرقبه |
فأثبت الشقّ منه ضربة عظمت |
|
كما تناول ظلما حاجب الرحبه (١) |
هذا من الجبابرة الذين ابتلاهم الله بشاغل ، ومن الجبابرة هذا الحجاج بن
__________________
(١) يريد بصاحب الرحبة أمير المؤمنين عليهالسلام على ما ذكره شيخنا العلامة الشيخ عبدالواحد المظفري أيده الله في كتابه الأمالي المنتخبة.