إليه الناس في الزينة والبهجة الحسنة للسلام عليه والعطاء ، وأقبل بنو أُمية يرفلون بالحلل السندسية يجرّون أرديتهم زرافات ووحدانا حتى تكاملوا سبعين ألفاً من أمية وآل أبي معيط ومن يمت بهم وحاشيتهم ، قال : فعند ذلك صعد السفاح إلى أعلى محل في قصره وهو متقلد بسيفه ، والتفت إلى بني أُمية وقال : هذا اليوم الذي كنت أعدكم فيه للجزاء والعطاء ، فبمن يكون البداء بالعطاء للأمويين أم للهاشميين؟ فقال كلّهم : يا خليفة رسول الله إنّ بني هاشم هم سادات العرب ، فلا يتقدّم عليهم أحد ولن يقدّم العبد على سيده.
قال : فصاح السفاح بعبد له كان عن يمينه وكان فصيح اللسان : نادي ببني هاشم واحداً بعد واحد حتى نجزل لهم العطاء ونحسن لهم الجوائز ، فنادى الغلام برفيع صوته : أين عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم هلمّ إلينا واقبض عطاءك ، فقام سديف قال : وأين عبيدة بن الحارث؟ قال : وما فعل به؟ قال : قتله شيخ من هؤلاء يقال له عتبة بن ربيعة. فقال السفاح : يا غلام اضرب على اسمه وإتنا بغيره.
فنادى الغلام : أين أسد الله وأسد رسوله الحمزة بن عبدالمطلّب بن هاشم ابن عبد مناف ، هلم علينا واقبض عطاءك. فقال سديف : وأين حمزة؟ قال : وما فعل به؟ قال : قتلته امرأة من هؤلاء القوم يقال لها هند بنت عتبة في احد وأقبلت بعد القتل ومثلث به فشقت جوفه وأخذت كبده لتأكلها فحوله الله حجراً في فمها فسمّيت آكلة الأكباد ، ثم قطعت أصابعه وجعلتها قلادة في عنقها وجدعت أنفه وقطعت مذاكيره. فقال السفاح : يا غلام اضرب على اسمه ، وائتنا بغيره.
فنادى الغلام : أين أوّل الناس إسلاماً وأفضل الوصيين ويعسوب الدين وأمير المؤمنين أين علي بن أبي طالب هلمّ إلينا واقبض عطاءك. فقال سديف : يا مولاي وأين علي بن أبي طالب ، لقد قتله المرادي عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله