وعبدالملك مَن الرجل تعرفنانه بالرأي يجمع رأيه إلينا؟ قالا : بالكوفة بديل بن يحيى وكان السفاح يشاوره ، فأرسل إليه وقال له : إنّ محمّداً قد ظهر بالمدينة. قال : فأشحن الأهواز بالجنود. قال : إنّه قد ظهر بالمدينة. قال : قد فهمت وإنّما الأهواز الباب الذي تؤتون منه.
قال الراوي : ودعا المنصور ابن أخيه عيسى بن موسى وأمره بالمسير الى المدينة لقتال محمّد وسيّر معه الجنود حتى إذا قرب من المدينة بلغ محمّداً ذلك ، فاستشار أصحابه بالخروج من المدينة أو المقام بها فاستشار بعضهم بالخروج عنها وأشار بعضهم بالمقام بها لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأيتني في درع حصينة فأوّلتها المدينة ، فأقام بها ، ثم استشار أصحابه في حفر خندق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأشار بعضهم بتركه ، فقال محمّد : إنّما اتبعنا في الخندق أثر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يردني أحد عنه فلست بتاركه ، وأمر به فحفر وبدأ هو فحفر بنفسه الخندق الذي حفره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للأحزاب.
قال : وسار عيسى حتى نزل الأعوص ، وكان محمّد قد جمع الناس وأخذ عليهم الميثاق وحصرهم فلا يخرجون. قال : وأراد عيسى الى محمّد يخبره أنّ المنصور قد أمنه وأهله ، فأعاد الجواب ، يا هذا إنّ لك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرابة قريبة وأدعوك الى كتاب الله وسنّة نبيّه والعمل بطاعته واحذرّك نقمته وعذابه ، وإني والله ما أنا منصرف عن هذا الأمر حتى ألقى الله عليه وإيّاك أن يقتلك من يدعوك الى الله فتكون شر قتيل أو تقتله فيكون أعظم لوزرك ، فلمّا بلغته الرسالة قال عيسى : ليس بيننا وبينه إلّا قتال. وقال محمّد للرسول : علام تقتلونني وإنّما أنا رجل فرّ من أن يقتل؟ قال : القوم يدعونك إلى الأمان فإن أبيت إلّا قتالهم قاتلوك.