ظهور إبراهيم في قلّة من العسكر فقال : والله ما أدري كيف أصنع ما في عسكري إلّا ألفا رجل والباقون مع عيسى بن موسى ، والله لئن سلمت من هذه لا يفارق عسكري ثلاثون ألفاً ، ثم كتب إلى عيسى بن موسى يأمره بالعودة مسرعاً ، فأتاه الكتاب وقد أحرم بعمرة فتركها وعاد إليه ، فوجهه إلى حرب إبراهيم وفي ذلك الحين اُهديت امرأتان إلى المنصور من المدينة ، فلم ينظر إليهما ، فقيل له في ذلك أنهما قد ساءت ظنونهما فقال : ليست هذه أيام نساء ولا سبيل إليهما ، حتى أنظر إلى رأس إبراهيم لي أو رأسي له.
قال الراوي : وواصل إبراهيم سيره حتى نزل باخمرا وهي من الكوفة على ستّة عشر فرسخاً فنزل مقابل عيسى بن موسى وتصافّوا ، فصفّ إبراهيم صفّاً واحداً واقتتل الناس قتالاً شديداً وانهزم حميد بن قحطبة وانهزم الناس معه فعرض لهم عيسى يناشدهم الله والطاعة فلا يلوون عليه ، فأقبل حميد منهزماً ، فقال له عيسى : الله الله والطاعة ، فقال : لا طاعة في الهزيمة ، ومرّ الناس فلم يبق مع عيسى إلّا نفر يسير ، وجاء جعفر ومحمد ابنا سليمان بن علي من ظهر أصحاب إبراهيم ولا يشعر بهما باقي أصحابه الذين يتبعون المنهزمين حتى نظر بعضهم فرأى القتال من ورائهم فعطفوا نحوه ورجع أصحابه الذين يتبعون المنهزمين ورجع أصحاب المنصور يتبعونهم ، فكانت الهزيمة على أصحاب إبراهيم ، فلو لا جعفر ومحمّد لتمت الهزيمة لحميد.
قال الراوي : وفّر أصحاب إبراهيم وثبت إبراهيم في نفر من أصحابه يبلغون ستّمائة وقيل أربعمائة ، وقاتلهم حميد وجعل يرسل بالرؤوس الى عيسى وجاء إبراهيم سهم غائر فوقع في حلقه فنحره فتنحّى عن موقفه وقال : أنزلوني ، فأنزلوه عن مركبه وهو يقول : (وكان أمر الله قدراً ومقدوراً) أردنا أمراً وأراد الله غيره ، واجتمع عليه أصحابه وخاصته يحمونه ويقاتلون دونه ، فقال حميد بن قحطبة