لأصحابه : شدّوا على تلك الجماعة حتى تزيلوهم عن موضعهم وتعلموا ما اجتمعوا عليه فشدّوا عليه فقاتلوهم أشدّ قتالاً حتى أفرجوا عن إبراهيم ووصلوا إليه وحزّوا رأسه فأتوا به عيسى فأراه ابن أبي الكرام الجعفري ، فقال : نعم هذا رأسه فنزل عيسى إلى الأرض وسجد ، ولمّا بلغ المنصور خبر قتل إبراهيم تمثّل قائلاً :
فألقت عصاها واستقر بها النوى |
|
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر |
قال الراوي : وأرسل عيسى رأس إبراهيم إلى المنصور بالكوفة فقال المنصور : احملوه إلى من في السجن من قومه ، وكان في السجن أبو عبدالله بن الحسن بن الحسن وستّة من أهله (١) فجاء به الربيع إليهم فوضع الرأس بين أيديهم ، فأخذه أحدهم ووضعه في حجره وقال : أهلاً وسهلاً يا أبا القاسم ، والله لقد كنت من الذين قال الله عزوجل فيهم : (الّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبّهُمْ) (٢) إلى آخر الآية.
فقال الربيع : كيف أبو القاسم في نفسه؟ قال أحدهم : هو كما قال الشاعر :
فتى كان تحميه عن الضيم نفسه |
|
ويكفيه من دار الهوان اجتنابها (٣) |
__________________
(١) قال أرباب السير : حجّ المنصور سنة مائة وأربع وأربعين وقبض على عبدالله بن الحسن ومعه ستّة من أبناء الحسن وأحفاده وسيّرهم الى العراق ومرّ المنصور بالربذة وهم على المحامل المكشّفة فصاح به عبدالله بن الحسن : يا أبا جعفر ، ما هكذا فعلنا بكم يوم بدر ، يشير إلى جدهم العباس بن عبدالمطّلب ، فجاء بهم إلى الكوفة وحبسهم بالهاشميّة في طامورة تحت الأرض حتى ماتوا ومواضعهم الآن تزار ، يقال لها : قبور السبعة ، في قضاء الهاشمية من لواء الحلّة اليوم.
(٢) سورة الرعد.
(٣) (فائدة) : كان قتل إبراهيم يوم الإثنين لخمس ليال بقين من ذي القعدة سنة خمس