فقال : لا أمان لكم ، وأبى الحسين أشدّ الإباء. قال لي موسى بن عيسى : إذهب إلى عسكرالحسين حتى تراه وتخبرني بكلّ ما رأيت. قال : فمضيت ودرت فما رأيت خللاً ولا فللاً ولا رأيت إلّا مصلياً أو مبتهلاً أو قارئ في المصحف أو معدّ للسلاح ، قال : فجئته وقلت له : ما أظن القوم إلّا منصورين. فقال : وكيف ذلك يابن الفاعلة؟ قال : فأخبرته ، فضرب يداً على يد وبكى حتى ظننت أنّه سينصرف ، وقال : هم والله أكرم خلق الله وأحق بما في أيدينا منّا ، ولكن الملك عقيم ، ولو أنّ صاحب هذا القبر يعني النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نازعنا على الملك لضربنا خيشومه بالسيف.
قال الراوي : ولمّا تقابل الفريقان أقعد الحسين رجلاً على جمل ومعه سيف ، يلوح به ، والحسين بن علي يملي عليه حرفاً حرفاً ، ونادى : يا معشر المسودّة ، هذا الحسين بن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وابن عمّه يدعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : فأمر موسى بن عيسى بتعبية العسكر فصار محمّد بن سليمان في الميمنة وموسى في الميسرة وسليمان بن أبي جعفر والعباس بن محمّد في القلب وكان أوّل من بدأهم موسى فحملوا عليه فاستطردهم شيئاً حتى انحدروا في الوادي وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطحنهم طحنة واحدة حتى قتل أكثر أصحاب الحسين وبقي الحسين في عدد يسير ، فجعل يقاتل أشد القتال حتى أثخن بالجراح.
قال من حضر الوقعة : رأيت الحسين بن علي وقد دفن شيئاً ظننت أنّه شيء له قدر فلمّا كان من أمره ما كان نظرنا فإذا هو قطعة من جانب وجهه وقد قطع ودفنه ، ثم عاد للقتال.
قال : وكان حمّاد التركي ممّن حضر الوقعة ، فقال للقوم : أروني حسيناً ،