قال الراوي : فما زالوا به حتى أخذوه ، وادخل على ابن زياد ، فلمّا رآه قال : الحمدلله الذي أخزاك ، فقال له عبدالله بن عفيف : يا عدو الله وبماذا أخزاني الله ، والله لو فرج لي عن بصري ، ضاق عليكم موردي ومصدري ، فقال ابن زياد : يا عدوّ الله ما تقول في عثمان بن عفان؟فقال : ياعبد بني علاج يابن مرجانة ، ـ وشتمه ـ ماأنت وعثمان بن عفان؟ أساء أو أحسن وأصلح أو أفسد ، والله تبارك وتعالى وليّ خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحق ، ولكن سلني عن أبيك وعنك وعن يزيد وأبيه. فقال ابن زياد : والله لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت غصّة بعد غصّة. فقال : عبدالله بن عفيف : الحمدلله ربّ العالمين ، أمّا إنّي قد كنت أسأل ربي أن يرزقني الشهادة من قبل أن تلدك اُمّك ، وسألت الله أن يجعل ذلك على يد ألعن خلقه وأبغضهم إليه ، فلمّا كفّ بصري يئست من الشهادة والآن فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها ، وعرّفني الإجابة في قديم دعائي ، فقال ابن زياد : اضربوا عنقه ، فضربت عنقه وصلب في السبخة.
أقول : يا لها من سعادة ، لئن لم يرزق الشهادة بين يدي سيّده الحسين فقد رزقها بعده وقتل على محبّة الحسين عليهالسلام وأبيه ، غير إنّ المصيبة على ابنته كانت نتظر إليه بالدار وقد أحاطوا به يريدون أخذه كما نظرت سكينة أباها الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء وقد أحاط به القوم ضرباً بالسيوف ، وطعناً بالرماح ، رمياً بالسهام ، ورضخاً بالحجارة ، قال الشيبي :
فوجّهوا نحوه في الحرب أربعة |
|
السهم والسيف والخطّي والحجرا |