وفي البحار (١) قال السيد رحمهالله ، فلمّا قربوا من دمشق الشام دنت اُم كلثوم من الشمر ، فقالت له : لي إليك حاجة ، فقال لها : ما حاجتك؟ فقالت : إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل نظّاره ، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ، ونحن في هذه الحالة ، فأمر اللعين في جواب سؤالها بالعكس أن تجعل الرؤوس على الرماح ما بين المحامل بغياً منه وكفراً ، وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفقة ، حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج المسجد ـ الجامع ـ حيث يقام السبي.
قال سهل الساعدي (٢) : دخلت الشام فرأيت الأسواق معطلة والدكاكين مقفّلة والناس في فرح وسرور ، فقلت في نفسي : الأهل الشام عيد لا أعرفه؟ قال : فرأيت جماعة يتحدّثون ، فقلت : مالي أرى الناس في فرح وسرور؟ فقالوا : كأنّك غريب؟ قلت : نعم ، فقالوا : ما أعجبك أنّ السماء لا تمطر دماً والأرض لا تنخسف بأهلها؟! قلت : ولم ذاك؟ قالوا : هذا رأس الحسين عليهالسلام يهدى من العراق. فقلت : وا عجباه يهدى رأس الحسين والناس يفرحون ، ثم قلت لهم : من أيّ باب يدخل؟ فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات.
قال : فبينا أنا كذلك وإذا بالرايات يتلوا بعضها بعضها وإذا نحن بفارس يحمل سناناً عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن خلفه النساء على الجمال بغير غطاء ووطاء ، فدنوت من إحدى النساء ، وقلت لها : يا جارية من أنت؟ فقالت : أنا سكينة ابنة الحسين عليهالسلام. فقلت لها : ألك حاجة فأقضيها سيّدتي؟ أنا سهل الساعدي ممّن رأى جدّك رسول الله وسمع حديثه. قالت : يا سهل ، قل لحامل هذا الرأس أن يقدّم الرؤوس أمامنا حتى يشغل الناس بالنظر إليها
__________________
(١) انظر ج ٤٥ ص ١٧٢.
(٢) سهل بن سعد الساعدي : كان من جملة الصحابة ، من الحفاظ وكان آخر من مات بالمدينة من الصحابة رحمهالله.