والطعام والقرب والأواني ، ووجّه معهم النعمان بن بشير الصحابي (١) ومعه ثلاثون رجلاً وأمره أن يكون بأمر السجاد زين العابدين عليهالسلام في حلّهم وترحالهم ، فخرجوا من دمشق الشام ، فكان النعمان بن بشير يسايرهم بحيث يرونهم ويراهم ، وإذا نزلوا نزل ناحية عنهم هو وأصحابه ، وصاروا لهم كهيئه الحرس ، وكان بين حين وآخر يأتي وحده إلى السجاد ويسأله عمّا يحتاجونه ويلطف به ، حتى إذا وصلوا إلى مفرق طريقين أحدهما ينتهي إلى المدينة والأخر إلى العراق ، قالوا للدليل : مر بنا على كربلاء ، فامتثل الدليل أمرهم ، فوصلوا إلى كربلاء في العشرين من شهر صفر ، فوجدوا بها جابر بن عبدالله الأنصاري (٢) قد ورد كربلاء لزيارة قبر الحسين عليهالسلام.
قال الأعمش بن عطية الكوفي : خرجت مع جابر بن عبدالله الأنصاري زائراً قبر الحسين عليهالسلام ، فلمّا ورد كربلاء دنا من شاطئ الفرات فاغتسل ، ثم خرج وقد ائتزو بإزار وارتدى بآخر ، ثم فتح صرّة فيها سعد (٣) فنثرها على بدنه ، ثم مشى إلى القبر الشريف حافياً ، وكان لايخطو خطوة إلّا ذكر الله تعالى فيها ، حتى إذا دنا من القبر الشريف ، قال : ألمسنية يا ابن عطية. قال : فألمسته القبر ، فخرّ على القبر
__________________
(١) النعمان بن بشير الأنصاري الخزري يكنى أبا عبدالله وهو مشهور ، له ولأبيه صحبة. قال الواقدي : كان أول مولود في الاسلام من الأنصار ، بعد الهجرة بأربعة عشر شهراً ، وعن أبي الزبير ، قال : كان النعمان بن بشير أكبر منّي بستة أشهر ، استعمله معاوية على الكوفة فبقى حتى دخلها مسلم بن عقيل ، ودخلها أيضاً عيبدالله بن زياد ، قتل النعمان سنة خمس وستين.
(٢) جابر بن عبدالله الأنصاري شهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحضر جل غزواته ، وكف بصره في آخر عمره ، توفي في المدينة سنة أربع وسبعين ويقال سنة سبع وسبعين ، عاش أربع وتسعين سنة.
(٣) السعد : طيب معروف بين الناس ، ومنه الحديث : اتخذوا السعد لأسنانكم فإنه يطيب الفم. (مجمع البحرين)