قال الراوي : وجاء مروان بن الحكم وكلّم رجلاً من بني حارثة ، وقال له : افتح لنا طريقاً فإن فعلت ذلك أكتب إلى يزيد بن معاوية وأضمن لك شطر ما كان يبذل لأهل المدينة بالعطاء ، ففتح له طرقاً ، واقتحمت خيل أهل الشام ، فجاء الخبر إلى عبدالله بن حنظلة ، فأقبل ومعه أهل المدينة فاقتتلوا ساعة حتى لحق الجيش وانهزم أهل المدينة بعد جلاد عظيم ، فلمّا رأى عبدالله بن حنظلة ، ذلك أخذ يقدم بنيه واحداً بعد واحد ، حتى قتلوا بين يديه ، وكان عليه يومئذ درعان طرحهما ، وجعل يقاتل وهو حاسر ، حتى قتل ، فلمّا قتل عبدالله بن حنظلة صار أهل المدينة كالأغنام بلا راع ، وجعل مسلم يقول لأصحابه : من جاء برأس رجل فله كذا وكذا ، وجعله يغري قوماً لا دين لهم ، فقتلوا وظهروا على أكثر المدينة ، وجالت خيولهم فيها ، وجعلوا يقتلون وينهبون.
قال الراوي : فما تركوا شيئاً ما نهبوه حتى الحمام والدجاج ، وكانوا يدخلون في البيت ويقتلون الرجال ويهتكون النساء.
قال أبو معشر : ودخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء نساء الأنصار ، ومعها صبي فقال لها : هل من مال؟ قالت : لا والله ما تركوا لي شيئاً ، فقال : والله لتخرجين إليّ شيئاً أو لأقتلنّك وصبيّك هذا ، فقالت له : ويحك بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بيعة الشجرة على أن لا أزني ولا أسرق ولا أقتل ولدي ولا آتي ببهتان افتريه ، فما أتيت شيئاً فاتّق الله فيّ وفي ولدي ، ثم قال لابنها : يا بني والله لو كان عندي شيء لافتديتك به. قال : فأخذ الشامي برجلي الصبي والثدي في فمه فجذبه من حجرها وضرب به الحائط ، فانتثر دماغه في الأرض. قال : ولم يخرج من البيت حتى اسودّ وجهه.
وقال ابن أبي الحديد ، لمّا قدم جيش الحرة إلى المدينة وعلى الجيش مسلم بن عقبة المرّي ، أباح المدينة ثلاثاً واستعرض أهلها بالسيف جزراً ، كما