.................................................................................................
______________________________________________________
ببطلان كل عقد إلّا الذي كان عن تراضٍ. وحيث إن العقد في المقام لم يكن عن تراضٍ حين صدوره ، يحكم بفساده حتى وإن رضي به بعد ذلك.
فإنه يقال : إن المراد بالتجارة ليس هو اللفظ الإيجاب والقبول وإنما المراد بها الالتزام بالمبادلة نفساً ، وهو وإن لم يكن عن الرضا حدوثاً ، إلّا أنه بقاءً لما كان يصدق عليه التجارة عن تراضٍ حكم بصحته.
ويؤكد ذلك : أن المستثنى منه أكل المال بالباطل بجميع أقسامه باطل ، والحال أن هذا الفرد ليس بباطل عند العقلاء جزماً. نظير ما لو غصب متاعاً ثمّ رضي مالكه ، فإنه ينقلب الغصب إلى الأمانة ونحوها.
إذن فالصحيح في المقام أن الحكم بالصحّة لا يختص بالزواج ونحوه ، بل هو عام لمثل البيع أيضاً ، باعتبار أن قصور العقد إنما هو من جهة الرضا خاصة ، فإذا تحقق بعد ذلك حكم بصحته. نظير التزوج ببنت أُخت الزوجة أو بنت أخيها من دون إذنها فإنها لو أذنت حكم بصحّة العقد كما تقدّم ، لانتفاء المانع.
وبعبارة اخرى : إن الأمر في المقام دائر بين رفع اليد عن عموم أدلّة صحّة العقد ونفوذه ، والالتزام ببطلان عقد المكره مطلقاً ، فيكون ذلك تخصيصاً لها. وبين رفع اليد عن إطلاقات تلك الأدلّة المقتضية لثبوت الحكم من الأوّل مستمراً ، والالتزام بالبطلان ما دام الإكراه متحققاً. فيتقدم الثاني لكونه الموافق للامتنان دون الأوّل.
ثمّ إن هذا كله مبني على الالتزام بالنقل في الرضا المتأخر ، وإن الحكم بالصحّة إنما يكون من حين الرضا ، كما ذهب إليه الشيخ (قدس سره). وأما بناءً على ما اخترناه من الكشف ، فحديث الرفع غير شامل لمثل هذا العقد المتعقب للإجازة من الأوّل لكونه منافياً للامتنان.
وعليه فلا موجب للحكم بالبطلان ، بل ينبغي الحكم بصحّة العقد من حين وقوعه ، غاية الأمر أن الرضا يكون شرطاً متأخِّراً فيه.
ومن هنا فلا يكون في المقام تخصيص ولا تقييد ، حيث لا حكم بالفساد عند لحوق الرضا واقعاً ، وإن حكمنا به قبل لحوق الرضا ظاهراً.