حيث إن الردّ بعد الإيجاب يبطله وإن رجع وقبل بلا تأخير. وكما في إجازة الفضولي ، حيث إنها لا تصحّ بعد الردّ. لكن لا يخلو عن إشكال إذا كان الموصي باقياً على إيجابه. بل في سائر العقود أيضاً مشكل (١) إن لم يكن إجماع ، خصوصاً في الفضولي ، حيث إنّ مقتضى بعض الأخبار صحّتها ولو بعد الردّ. ودعوى عدم صدق المعاهدة عرفاً إذا كان القبول بعد الردّ ، ممنوعة.
______________________________________________________
(١) ما ذكره (قدس سره) وإن كان صحيحاً بالنسبة إلى سائر العقود ، لما تقدّم من عدم الدليل على إبطال ردّ الطرف الثاني لإيجاب الطرف الأوّل ، بل يصدق العقد والمعاهدة عليه فيما إذا كان الموجب باقياً على التزامه ، وحينئذ فلا مانع من التمسك بإطلاقات وعمومات أدلّة الصحّة والنفوذ.
وكذلك الحال في العقد الفضولي ، حيث إن الرد فيه لا يكون مانعاً من الإجازة بعده ، بل ربّما يستفاد ذلك من صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قضى في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه غائب ، فاشتراها رجل فولدت منه غلاماً ، ثمّ قدم سيدها الأوّل فخاصم سيدها الأخير فقال : هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني ، فقال : خذ وليدتك وابنها ، فناشده المشتري ، فقال : خذ ابنه يعني الذي باع الوليدة حتى ينفذ لك ما باعك ، فلما أخذ البيع الابن قال أبوه : أرسل ابني ، فقال : لا أُرسل ابنك حتى ترسل ابني ، فلما رأى ذلك سيد الوليدة الأوّل أجاز بيع ابنه» (١).
إلّا أن قياس الوصيّة عليها قياس مع الفارق ، لأن أدلتها ظاهرة في كونها إيقاعاً كما عرفت ، وعليه فلا حاجة إلى القبول ولا أثر للرد بل بها يحصل الملك القهري ، ولذا ورد في الأخبار أنه لو مات قبل بلوغه الخبر دفع الموصى به إلى ورثته ، وإنما خرجنا عن ذلك في خصوص الرد للإجماع على مانعيته بعد الموت.
ومن هنا فإن لم يتمّ هذا الإجماع فعدم مانعية الرد واضح ، وإلّا كما هو الصحيح ـ
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٨٨ ح ١.