ثمّ إنهم ذكروا أنه لو كان القبول بعد الردّ الواقع حال الحياة صحّ. وهو أيضاً مشكل (١) على ما ذكروه من كونه مبطلاً للإيجاب ، إذ لا فرق حينئذ بين ما كان في حال الحياة أو بعد الموت. إلّا إذا قلنا : إن الردّ والقبول لا أثر لهما حال الحياة وإن محلّهما إنما هو بعد الموت ، وهو محل منع (٢).
______________________________________________________
فلا وجه للحكم بصحّة الوصيّة بعد القبول ، بل يتعين الحكم ببطلانها ، نظراً لارتفاع التزام الموصي عند القبول ، فإن الميت لا التزام له.
وبعبارة اخرى : إن الموصي إنما أنشأ الملكية بعد الموت والتزم به إلى حين وفاته وأمّا بعد وفاته فلا التزام له لعدم قابلية الميت له. وحينئذ فإن التزمنا بثبوت الملكية قهراً ، سواء أقبل الموصى له أم لم يقبل لإطلاقات الأدلة فلا أثر للردّ أصلاً. وإن خرجنا عنها وقلنا باعتبار عدم الردّ للإجماع ، فالردّ يبطل ذلك الالتزام ، وحين القبول يحتاج إلى التزام جديد ، وهو ممتنع نظراً لموته.
فالصحيح في المقام هو التفصيل بين الوصيّة وغيرها. ففي غيرها يحكم بصحته مع بقاء الموجب على التزامه ، وبطلانه مع عدمه. وفيها بالبطلان ، بناءً على القول بمانعية الرد ، كما هو الصحيح.
(١) لا وجه للاستشكال فيه ، بعد ما عرفت من أن مقتضى إطلاقات أدلّة الوصيّة نفوذها مطلقاً ، من دون اعتبار للقبول أو تأثير الرد ، وإنما خرجنا عنها في خصوص الرد المتأخر عن الوفاة للإجماع. وحيث لا دليل على مانعية الرد حال الحياة ، إذ لا إجماع عليها بل الشهرة على خلافها ، فلا مانع من التمسك بإطلاقات أدلة نفوذ الوصيّة ، ومقتضاها الحكم بصحتها.
ولا يقاس ما نحن فيه بغيره من العقود ، فإنها مؤلفة من الإيجاب والقبول ، فيمكن أن يقال وإن لم نرتضه ـ : إن الردّ يقطع اتصال القبول بالإيجاب ويمنع منه. وأما ما نحن فيه فقد عرفت أنه إيقاع ولا يحتاج إلى القبول ، فلا وجه للقول بمنع الرد للاتصال بينهما.
(٢) في القبول خاصة على ما تقدّم بيانه في المسألة الثانية دون الرد ، حيث قد