.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل أن الحق يغاير غيره في الإرث. فإن المنتقل إلى الورثة في غيره إنما هو نفس المال الذي تتعلق به الملكية ، وأما نفس الملكية فهي لا تقبل الانتقال. في حين إن المنتقل فيه إنما هو نفس الحق ، والمعتبر بالاعتبار الشرعي أو العقلائي.
ومما تقدّم يتضح ما أفاده الماتن (قدس سره) من منع كون قبول الوصيّة حقّا ، لأنها ليست إلّا إنشاء لملكية الموصى له بعد وفاة الموصي ، وقبول ذلك على تقدير القول باعتباره كالقبول في سائر العقود ، بل كسائر الأفعال المباحة كالقيام والجلوس ، محكوم بالجواز الحكمي ولا يكون من الحقوق في شيء.
ومع غض النظر عن ذلك ، فإن ثبوت الحق إما أن يكون بجعل من الشارع كحق الشفعة والتحجير ، وإما أن يكون بجعل من المكلف وإمضاء الشارع له كالخيار في العقود. والحق المدعى في المقام ليس من أحدهما ، فإن الذي أنشأه الموصي ليس إلّا الملكية بعد الموت ، والذي أمضاه الشارع هو الملكية بعد الموت أيضاً. نعم ، اعتبر القبول في نفوذ الوصيّة بناءً على القول به ، للإجماع. ولا شيء من ذلك يقتضي كونه حقّا له.
ثمّ إنا إذا تنزلنا وبنينا على أنه حق للموصي ، فإن مثل هذا الحق غير قابل للانتقال إلى الورثة. وكبرى قابلية كل حق للانتقال إلى الوارث ممنوعة ، فإن منه ما يقوم بذي الحق نفسه ، فلا يقبل الانتقال إلى غيره. والقبول من هذا القبيل ، فإن الوارث لا يمكنه القبول لنفسه ، لأن الموصي لم ينشئ ذلك ، ولا يمكنه القبول للموصى له ، لأنه غير قابل للملكية.
الوجه الثاني : ما ذكره بعضهم من أن مقتضى إطلاقات الوصيّة نفوذها ، سواء أتعقّبها القبول أم لم يتعقّبها ، إلّا أننا قد خرجنا عنها بالإجماع على اعتبار القبول وحيث إن الإجماع دليل لبي فلا بدّ من الاقتصار فيه على القدر المتيقّن منه ، وهو القبول في الجملة والأعم من قبول الموصى له هو وقبول ورثته ، فيحكم عند تحقّقها بصحّتها لا محالة.
وفيه : أنه إنما يتم على تقدير كون موت الموصى له بعد موت الموصي وقبل قبوله والقول بكون القبول كاشفاً. فيقال حينئذ : إن قبول الوارث كافٍ ، لأن الإجماع إنما