.................................................................................................
______________________________________________________
على أن هذا التقييد لا أثر له. فإن الوصيّة مقيدة بذلك في مقام الثبوت ، سواء أقيدها الموصي في مقام الإثبات أم لم يقيدها ، فإن الميت غير قابل للتمليك ابتداءً فالحياة مأخوذة في الموضوع على نحو مفروض الوجود. ومن هنا فلا يكون للتقييد أثر.
والحاصل أن مقتضى القاعدة وإن كان هو البطلان في فرض موت الموصى له في حياة الموصي ، إلّا أنه لا بدّ من الخروج عنها لصحيحة محمد بن قيس ، الدالة على النفوذ وانتقال المال إلى ورثته صريحاً.
ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين فرض التقييد وعدمه.
وأمّا المقام الثاني : فإن قلنا بأن الوصيّة إيقاع ولا تحتاج إلى القبول كما هو الصحيح ، غاية الأمر أنه يعتبر في نفوذها عدم الرد ، فالأمر واضح. فإن الموصى به ينتقل بمجرّد موت الموصي إلى ملك الموصى له لفرض عدم الرد ، وبموته ينتقل إلى ملك ورثته لا محالة ، فحاله في ذلك حال سائر أمواله ، فلا يعتبر قبولهم جزماً.
نعم ، يبقى الكلام في تأثير ردهم ، وهل أنه كردّ الموصى له يوجب بطلانها أم لا؟
فيه خلاف. والظاهر هو الثاني ، وذلك لإطلاقات أدلة نفوذ الوصيّة ، فإن مقتضاها نفوذها مطلقاً ، سواء أتحقق ردّ أم لم يتحقق ، غاية الأمر أننا خرجنا عنها للإجماع على مانعية الرد ، وحيث إنه دليل لبي فلا بدّ من الاقتصار فيه على القدر المتيقن وهو ردّ الموصى له نفسه ، فيبقى تأثير رد الورثة بلا دليل. على أن الورثة إنما يتلقون المال من أبيهم بعنوان الإرث ، ولا يتلقونها من الموصي بعنوان الوصيّة. ومن هنا فلا يكون لردهم أي أثر.
وإن قلنا باعتبار القبول ، فإن اعتبرناه كاشفاً ، فالأمر كما تقدّم ، إذ المتيقن من الإجماع الدالّ على اعتبار القبول اعتباره في الجملة ، أعني الأعم من قبول الموصى له هو وقبول ورثته ، فإذا قبل الورثة كشف ذلك عن ملكية الموصى له للموصى به من حين موت الموصي ، وحينئذ فينتقل إلى ملكهم كسائر أمواله.
وإن اعتبرناه ناقلاً ، أشكل الحكم بصحّة الوصيّة من هذه الجهة ، فإن ما أنشأه الموصي غير قابل للتحقق في الخارج ، وما تعلق به القبول لم ينشئه الموصي.