.................................................................................................
______________________________________________________
إذن فهي المعتمد في مقام الفتوى ، على ما عليه المشهور.
وأما الجمع بين هذه النصوص بحمل صحيحة محمد بن قيس على فرض عدم تقييد الوصيّة ، وحمل المعارض لها على فرض التقييد ، فيلتزم بصحتها وانتقال الموصى به إلى ورثة الموصي له في الأوّل ، والبطلان في الثاني.
فمدفوع بان المراد من تقييد الوصيّة بالموصى له إن كان تعلق غرضه به شخصاً ، في قبال تعلق غرضه بكون الموصى به من جملة أموال الموصى له يتصرف به هو في حياته وينتقل إلى ورثته بعد وفاته ، فهو وإن كان أمراً ممكناً إلّا أنه لا أثر له في مقام الإنشاء فإن العبرة في الحكم بالصحّة والفساد ليست بغرض المنشئ وداعيه إلى الإنشاء ، وإنما هي بما ينشئ.
مع أن حمل صحيحة محمّد بن قيس على الفرض الثاني مما لا شاهد له ، بل هو بعيد ومناف للإطلاق ، بل خلاف الظاهر ، وحمل على الفرد النادر من الوصايا ، حيث إن الغالب منها هو الفرض الأوّل ، أعني وجود خصوصيّة للموصى له.
وإن كان المراد أن نظر الموصي في مقام إنشاء الوصيّة قد يكون إلى شخص الموصى له ، وقد يكون إليه هو على تقدير حياته وإلى ورثته على تقدير وفاته فالوصيّة قد تكون مقيدة بشخص معين وقد تكون جامعة بينه وبين غيره ، فهو وإن كان ممكناً أيضاً إلّا أن صحّتها حينئذ على القاعدة ولا تحتاج إلى النص ، إذ الوارث موصى له حقيقة ، فحمل الصحيحة عليها حمل بعيد ولا شاهد فيها عليه ، بل الظاهر منها كون الوصيّة لشخص الميت بنفسه.
وإن كان المراد أن الموصي تارة يقيد الوصيّة بحياة الموصي له وأُخرى يطلق ، فإذا كانت الوصيّة من قبيل الأوّل حكم ببطلانها عند موت الموصى له ، لانتفاء المقيد بانتفاء قيده ، فهو وإن كان أقرب الوجوه المذكورة في التقييد ، بل يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) أن البطلان في هذه الصورة ليس محلا للكلام بينهم (١) إلّا أنه أيضاً لا يمكن المساعدة عليه ، نظراً لعدم الشاهد في صحيحتي محمد بن مسلم ومنصور بن حازم على تقييدهما بذلك.
__________________
(١) الجواهر ٢٨ : ٢٥٧ ٢٥٨.