.................................................................................................
______________________________________________________
الشرط بهذا المعنى أعني تعليق المنشأ على التزام الآخر إذ المورد غير قابل للمعنى الآخر الذي نذكره للشرط ، ومن هنا فلا محالة يكون نفس الالتزام قيداً للمنشإ دون الملتزم به. فلو قالت المرأة : زوجتك نفسي على أن لا تخرجني من هذا البلد مثلاً فقبل الرجل أصل الزواج من دون التزام بالشرط ، بطل العقد ، لأن ما أنشأته المرأة إنما هي الزوجية المقيدة بالالتزام ، فإذا لم يلتزم الزوج بذلك انتفى المقيد كلياً وحكم ببطلان العقد ، لعدم تحقق ما علق الإنشاء عليه.
وقد عرفت في محله أنّ مثل هذا التعليق لا يضرّ بصحّة العقد ، لكونه تعليقاً على أمر حاصل ومعلوم بالفعل. نعم ، لو فرضنا تعليق الزوجية على نفس السكنى في البلد المعين دون الالتزام به ، لكان من التعليق الباطل.
ثانياً : تعليق الالتزام بالعقد على تحقق المشروط في الخارج ووجوده. وهذا المعنى يرد فيما إذا كان المشروط أمراً خارجاً عن إرادة المشروط عليه واختياره ، كما هو الحال في اشتراط الكتابة في العبد عند شرائه ، فإنّ مثل هذه الشروط لا يمكن أن يرجع إلى المعنى الأوّل ، إذ ليس للمشروط عليه الالتزام بما هو خارج عن اختياره فالعقد غير معلق على شيء وإنما المعلّق هو الالتزام بالعقد ، بحيث لو لم يوجد فلا التزام للشارط بالعقد وله رفع اليد عنه ، وهو ما يعبّر عنه بالخيار.
هذا وقد يجتمع المعنيان في عقد واحد ، كما لو اشترى قماشاً واشترط على البائع أن يخيطه. فإنّ أصل العقد معلق على التزام البائع بالخياطة ، كما أن التزامه بالعقد معلق على تحقّق الخياطة في الخارج ، فيكون المورد مجمعاً لكلا المعنيين.
إذا عرفت هذا كله يتضح لك أنّ فساد الشرط لا يوجب فساد العقد. إذ على المعنى الأوّل يكون العقد مقيداً بالالتزام ، والمفروض أنه قد تحقق من قبل الطرف الآخر ، فلا وجه للقول بفساد إنشاء العقد. وعلى المعنى الثاني فالعقد أجنبي عن جعل الخيار للشارط وإن كان الأوّل ظرفاً للثاني ، بمعنى أنه إنما يجعل في ضمن الأوّل.
وعليه فإذا فرض فساد الثاني بحكم الشارع ، لكونه مخالفاً للكتاب والسنّة ، لم يكن وجه للقول ببطلان الأوّل ، لأنه يحتاج إلى الدليل وهو مفقود ، بل المستفاد من بعض النصوص خلافه.