(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ؟) أي فهل تقدرون أن تحتملوا عنا قسطا من العذاب فتخففوه عنا ، فقد كنا نسارع إلى محبتكم في الدنيا ، ومن قبلكم جاءنا العذاب ، ولو لا أنتم لكنا مؤمنين.
ومقصدهم من هذا المقال تخجيلهم وإيلام قلوبهم ، وإلا فهم يعلمون أنهم لا قدرة لهم على ذلك التخفيف.
فيرد عليهم أولئك الرؤساء بما حكاه الله عنهم بقوله :
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها) أي قال رؤساؤهم الذين أبوا الانقياد للأنبياء : إنا جميعا واقعون في العذاب ، فلو قدرنا على إزالته عن أنفسنا لدفعناه عنكم.
وخلاصة مقالهم : إنا وأنتم في العذاب سواء.
(إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) بفصل قضائه ، فلا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ، وكل منا كافر ، وكل منا يستحق العقاب ، ولا يغنى أحد عن أحد شيئا.
ولما يئس الأتباع من المتبوعين رجعوا إلى خزنة جهنم يطلبون منهم الدعاء كما حكى الله عنهم بقوله :
(وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) أي وقال أهل جهنم لخدمها وقوّامها مستغيثين بهم من عظيم ما هم فيه من البلاء رجاء أن يجدوا لديهم فرجا من ذلك الكرب الذي هم فيه : ادعوا ربكم أن يخفف عنا مقدار يوم من العذاب.
فرد عليهم الخزنة موبخين لهم على سوء ما كانوا يصنعون مما استحقوا عليه شديد العذاب.
(قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ؟) أي أو ما جاءتكم الرسل بالحجج على توحيد الله لتؤمنوا به وتبرءوا مما دونه من الآلهة؟.