الإيضاح
(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ؟) أي الله وحده هو الذي يدفع عن عباده الآفات : ويزيل عنهم المصايب والويلات ، ويعطيهم جميع المشتهيات ، والمراد أنه يكفى من عبده وتوكل عليه.
وأتى بالكلام على طريق الأسلوب الإنكارى للإشارة إلى كفايته تعالى على أبلغ وجه ، كأنها من الظهور بحيث لا يتيسر لأحد أن ينكرها.
ثم رتب على ذلك ما هو كالنتيجة لما سلف فقال :
(وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي ويخوفك المشركون بغير الله من الأوثان والأصنام عبثا وباطلا ، لأن كل نفع أو ضر فلا يصل إلا بإرادته تعالى. وقد روى أنهم خوّفوا النبي صلّى الله عليه وسلم مضرة الأوثان فقالوا : أتسبّ آلهتنا؟ لئن لم تكفّ عن ذكرها لتخبلنّك أو تصيبنّك بسوء. وقال قتادة : مشى خالد بن الوليد إلى العزّى ليكسرها بالفأس ، فقال له سادتها : أحذّركها يا خالد ، فإن لها شدة لا يقوم لها شىء ، فعمد خالد إلى العزّى فهشم أنفها حتى كسرها بالفأس اه.
وفي الآية إيماء إلى أنه سبحانه يكفى نبيه صلّى الله عليه وسلم دينه ودنياه ، ويكفى أتباعه أيضا ، ويكفيهم شر الكافرين.
ونحو الآية قوله : «فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ» وقوله تعالى حكاية عن إبراهيم : «وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً؟».
ثم أبان شديد جهلهم لتوعدهم بما لا يضر ولا ينفع فقال :
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي ومن يضلله الله لتدسيته نفسه وحبه للاثم والفسوق ومعصية الرسول ، فما له من هاد يهديه إلى الرشاد ويخلّصه من الضلال.
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ) أي ومن يوفقه الله إلى أسباب السعادة بتزكية