يا خاتم النبآء إنك مرسل |
|
بالخير كل هدى السبيل هداكا (١) |
والنبوة فضل يسبغه الله على من يشاء من عباده ، وهبة ربانية يمنحها الله لمن يريد من خلقه ، وهي لا تدرك بالجد والتعب ، ولا يتوسل إليها بسبب ولا نسب ، وإنما هي بمحض الفضل الإلهي ، فالله تعالى ، يختص برحمته من يشاء ، وهي تأتي إلى النبي من تلقاء نفسها ، وعلى غير توقع منه ، فهي إذن اصطفاء واختيار من الله سبحانه وتعالى للمصطفين الأخيار من عباده (٢) ، و «الله أعلم حيث يجعل رسالته» (٣) ، ومن ثم فإن الله تعالى إنما يختص بهذه الرحمة العظيمة ، والمنقبة الكريمة ، من كان أهلا لها ، بما أهله هو ، جل شأنه ، من سلامة الفطرة ، وعلو الهمة ، وزكاة النفس وطهارة القلب ، وحب الخير والحق.
هذا ، وليس صحيحا ما ذهب إليه «سيجال» من أن كلمة «نبي» عبرية الأصل ، وأن لفظ «النبي» (٤) إنما كان خاصا ببني إسرائيل ، ذلك لأنه ، فيما يرى سيجال هذا ، ليست هناك نقوش تثبت وجوده في اللغة الكنعانية والفينيقية ، ثم إن الفعل «نبأ» الذي اشتق منه الاسم «نبي» لا يوجد في عبرية العهد القديم في صورته الأساسية ، أي في الثلاثي المجرد ، وأن الفعل الذي جاء للدلالة على عمل النبي في العهد القديم (التوراة) إنما جاء في الصيغ المزيدة على زنة «فعل» و «تفعل» ، وهي في الحقيقة صيغ مشتقة من الاسم
__________________
(١) انظر : تفسير الطبري ٢ / ١٤١ ، سيرة ابن هشام ٤ / ١٠٣ ، ثم قارن : تفسير البحر المحيط ١ / ٢٢٠ ، ياقوت ٥ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٢) تفسير المنار ٨ / ٣٣ ـ ٣٤ ، محمد علي الصابوني : النبوة والأنبياء ، بيروت ١٩٨٠ ص ٩ ـ ١٠.
(٣) سورة الأنعام : آية ١٢٤.
(٤) انظر تعريفات مختلفة للفظة النبي عند بني إسرائيل وعند علماء اللاهوت الأوربيين (محمد بيومي مهران : النبوة والأنبياء عند بني إسرائيل ـ الإسكندرية ١٩٧٨ ص ٢٥ ـ ٣٠.