«نبي» نفسه ، وهذه الحقيقة تدعونا إلى الاعتقاد بأن الاسم «نبي» قديم جدا في العبرية الإسرائيلية ، وأنه يصعد إلى ما قبل التاريخ من حياة بني إسرائيل ، ولما كان هذا الاسم يميز عمادا حيا وفعالا لا في حياة الأمة ، فإنه حفظ منذ تلك الحقب السحيقة ، بعد أن نسي الفعل المجرد «نبأ» الذي اشتق منه ، مع توالي العصور ، وانتهى أمره واختفى من اللغة (١).
وفي الواقع ، فإن كلمة «نبي» ليست عبرية الأصل ، كما يقول أدولف لودز (٢) ، ومن ثم فإن علماء اللاهوت الأوروبيين وغيرهم ، من أمثال جوستاف هولشر (٣) ، وشميدت ، ولوذر (٤) ، وكلود سوربري (٥) ، إنما يتفقون على أن كلمة «نبي» ، عربية ، وليست عبرية ، في شكلها ومعناها ، وأن أصل الكلمة سامي قديم موجود في الأكدية بمعنى «يدعو» Nalu)) (٦).
غير أن الأمر ، كما يقول الأستاذ العقاد (٧) ، طيب الله ثراه ، غني عن الخبط فيه بالظنون مع المستشرقين ، من يفقه منهم اللغة العربية ، ومن لا يفقه منها غير الأشباح والخيالات ، فإن وفرة الكلمات التي لا تلتبس بمعنى «النبوة» في اللغة العربية كالعرافة والكهانة والعيافة والزجر والرؤية ، تغنيها عن اتخاذ كلمة واحدة للرائي والنبي ، وتاريخ النبوات العربية التي وردت
__________________
(١) م. ص. سيجال : حول تاريخ الأنبياء عند بني إسرائيل ـ ترجمة الدكتور حسن ظاظا ـ بيروت ١٩٦٧ ص ١٧ ـ ١٨.
(٢).A. Lods, Israel, From the Beginnings to the middle of the Eight Century,٤٤٥.p ، ١٩٦٢.
(٣).G. Holscher, Die Proften, Untersuchung Zun Religion Geschichte Isreal, Leipzig, ٤٦ ـ ١٤٥.p ، ١٩١٤.
(٤)A. Lods, The Prophets and the Rise of Judaism, London,١٩٣٧.
(٥).C. Saurlrei, The Holy man in Israel, Astudy in the Development of Prophecy, in JNES, ٦٢١٦.p ، ١٩٤٧ ،.
(٦).P. K. Hitti, The near East in the History, Princeton,١٠٧.p ، ١٩٦١.
(٧) عباس محمود العقاد : حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ـ بيروت ١٩٦٦ ص ٩١ ـ ٩٢.