ومنها (ثالثا) أنها ترتبط بين نزول إبراهيم وخروجه منها ، وبين عهد الهكسوس ، الأمر الذي رفضناه من قبل ، ومنها (رابعا) أنها ترتبط بين روايات إسرائيلية تتعلق بأحداث مبكرة في فلسطين ، وبين قصة دخول الإسرائيليين مصر ، ومنها (خامسا) أنها تجعل دخول الإسرائيليين مصر ، إنما كان مقصورا على أسباط معينة ، علما بأن التوراة تجعل ذلك للإسرائيليين عامة (١).
ومنها (سادسا) أن يوسف الصديق كان ـ كما هو معروف ـ قد شغل منصبا كبيرا في الدولة ، ولم يكن من عامة القوم ، فكيف لم تشر إليه النصوص المصرية؟ وهي التي أشارت كثيرا إلى الوزراء وكبار الموظفين ، بجانب ملوكهم ، وهو أمر قد عللناه في عصر الهكسوس بغموض هذا العصر وضياع آثاره ، وهذا ما لم يقل به أحد ممن أرخوا لعصر أمنحتب الثاني (١٤٣٦ ـ ١٤١٣ ق. م).
أما نظرية «جرسمان» فهي تضغط الأحداث بدرجة كبيرة ، هذا فضلا عن اعتمادها على تفسيرات معينة لنصوص معينة ، وفي نفس الوقت ، فإنها تتجاهل نصوصا أخرى تحدد بصراحة مدة الإقامة ب ٤٣٠ سنة ، أضف إلى ذلك أن تحديدها لدخول بني إسرائيل مصر في عام ١٣٠٠ ق. م ، والخروج بعام ١٢٣٠ ق. م ، يجعل مدة إقامة بني إسرائيل في مصر ، حوالي ٧٠ عاما ، كما يحددها جرسمان نفسه ـ وهو أمر يخالف كل التقاليد العبرية ، بل إن القصة كلها ـ كما يقدمها لنا جرسمان ـ إنما تخالف كل التقاليد اليهودية ، الخاصة بقصة دخول وخروج بني إسرائيل من مصر.
وهكذا يبدو لي أن عصر الهكسوس ـ وليس غيره ـ إنما هو العصر الذي دخل الإسرائيليون فيه أرض الكنانة.
__________________
(١) تكوين ٤٥ : ١٦ ـ ٢٨.