نفسها ، تروي كتب التفسير أنه صبي في المهد ، وذلك حين قال (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ ، وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ، قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (١) ، كما شهدت ببراءته النسوة للآتي قطعن أيديهن بقولهن (حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (٢) ، بينما لم تذهب التوراة إلى أكثر من أن العزيز حين سمع بالقصة لم يزد عن «أن غضبه حمى ، فأخذ يوسف ووضعه في بيت السجن (٣)».
ومنها (عاشرا) أن القرآن الكريم وحده هو الذي يشير إلى أن عزيز مصر ، حينما عرف الحقيقة ، فإذا به يطلب من يوسف كتمان الأمر ، وعدم إذاعته بين الناس ، وفي نفس الوقت فإنه يتجه إلى امرأته يأمرها أن تستغفر لذنبها وأن تتوب إلى ربها (٤) ، فإن العبد إذا تاب إلى الله تاب الله عليه ، وأهل مصر ـ وإن كانوا وقت ذاك غير موحدين ـ إلا أنهم إنما كانوا يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ويؤاخذ بها ، إنما هو الله وحده ، لا شريك له في ذلك (٥) ، ومنها (حادي عشر) أن التوراة لم تتعرض لحادث النسوة اللاتي أخذن يرددن في المدينة ، (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا ، إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ، وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ، وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً ، إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٦).
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٢٦ ـ ٢٨.
(٢) سورة يوسف : آية ٥١.
(٣) تكوين ٣٩ : ١٩ ـ ٢٠.
(٤) سورة يوسف : آية ٢٩.
(٥) ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ٢٠٤ التفسير ٤ / ٢٢.
(٦) سورة يوسف : آية ٣٠ ـ ٣١.