وأما في التوراة فقد قال إخوة يوسف ، دون أن يسألهم أحد عن عقاب من يوجد عنده صواع الملك ، «الذي يوجد معه من عبيدك (يعنون أنفسهم) يموت ، ونحن أيضا نكون عبيدا لسيدي ، قال نعم الآن بحسب كلامكم هذا يكون ، الذي يوجد معه يكون لي عبدا ، وأما أنتم فتكونون أبرياء» ، ومع ملاحظة التناقض في نص التوراة ، فهي تذكر أن من يوجد معه يحكم عليه ، بالموت ، بينما يصبح الباقون أبرياء ، فإن حكم يوسف عليهم أن من وجد معه يصبح وحده عبدا له ، وأما الباقون فأبرياء ، رغم هذا التناقض ، فإن التوراة لم تذكر ما أضافه القرآن الكريم عن أن ذلك القانون إنما كان شريعتهم هم ، وما كان يطبق في الشرائع المصرية ، ومن ثم فما كان من حق يوسف عليهالسلام أن يأخذ أخاه في دين الملك ، لأنه لم يكن من حكم ذلك الملك المصري وقضائه أن يسترق أحد بالسرقة ، فضلا عن أن يحكم عليه بالموت (١).
ومنها (واحد وثلاثون) أن القرآن وحده من دون التوراة ، هو الذي أشار إلى أن إخوة يوسف سرعان ما قالوا ، عند ما وجد صواع الملك في رحل أخيهم بنيامين «إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل» (يعنون يوسف عليهالسلام) ، (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ ، قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) (٢) ، ومنها (اثنان وثلاثون) أن القرآن وحده ، من دون التوراة ، هو الذي أشار إلى قول يعقوب لبنيه (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ ، وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ ، إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٣).
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٧٤ ـ ٧٦ ، تكوين ٤٤ / ٩ ـ ١٠.
(٢) سورة يوسف : آية ٧٧.
(٣) سورة يوسف : آية ٦٧.