ومنها (ثلاثة وثلاثون) أن القرآن الكريم وحده ، من دون التوراة ، هو الذي أشار إلى قول إخوة يوسف (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) ، ولما كانوا يخشون أن يكذبهم ، نظرا لتجربة يوسف السابقة ، فإنهم طلبوا منه أن يسأل القرية التي كانوا فيها ، (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) (١) ، ومنها (أربع وثلاثون) أن القرآن الكريم يشير إلى أن الصديق هو الذي سأل إخوته عما فعلوه به وبأخيه فعرفوه ، ثم اعترفوا بخطئهم في حقه ، وأن الله تعالى قد آثره عليهم ، وحينئذ عفا يوسف عنهم (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ، قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ، قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ ، قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ، وأن ذلك إنما قد حدث بعد أن أخذ يوسف أخاه منهم ، وبعد أن عادوا إلى أبيهم وأعلموه أن ابنه سرق ، وفي التوراة ، فإن يوسف هو الذي قدّم نفسه لهم ، بعد أن أحضروا أخاهم ، وقبل أن يعودوا إلى أبيهم ، وبعد أن سألهم عن أبيهم وهل ما يزال حيا ، وأنهم ارتاعوا منه ، ولم يستطيعوا أن يجيبوه (٢).
ومنها (خمس وثلاثون) أن القرآن الكريم وحده ، من دون التوراة ، الذي يشير إلى أن يوسف عليهالسلام بعد أن عفا عن إخوته ، وأكرم وفادتهم ، قال (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ، وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ، قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ، فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى
__________________
(١) سورة يوسف : آية ٨١ ـ ٨٢.
(٢) سورة يوسف : آية ٨٩ ـ ٩٢ ، تكوين ٤٥ / ١ ـ ١٤.