«فقال لهما ملك مصر : لما ذا يا موسى وهارون تبطلان الشعب من أعماله (١) : ، بل إن القرآن الكريم إنما يقدم لنا الإسرائيليين على أنهم قد أصبحوا جزءا من رعية فرعون ، أو طائفة منهم ، يقول سبحانه وتعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) (٢).
بل إننا ـ حتى لو افترضنا جدلا ـ أن المصريين قد استعبدوهم يعد طرد الهكسوس ، فإن العمال ـ سواء كانوا يعملون في المقابر أو المحاجر الملكية ، أو كانوا يعملون في تشييد المدن ـ إنما كانوا يعاملون معاملة طيبة ، ويمنحون المكافآت في الأوقات المناسبة ، وأنهم كانوا يتمتعون بفترات راحة رسمية ، كانت تقع في اليوم العاشر والعشرين والثلاثين من كل شهر ، كما كانوا يمنحون إجازات في المناسبات الخاصة بالأعياد الكبرى للآلهة الرسمية كانت كثيرا ما تصل إلى أيام متتالية (٣) ، كما كان بعضهم يتخلفون عن العمل لأسباب مختلفة كالمرض وتقديم القرابين للإله ، كما كان انحراف مزاج الزوجة أو الابنة كافيا ـ وإن كان غريبا ـ يسوغ أحيانا التخلف عن العمل (٤).
ومن ثم فقد رأينا بعض الفراعنة يفخرون بأنهم إنما يعاملون عمالهم برفق وسخاء ، فها هو «سيتي الأول» يحدثنا أن الواحد من عماله ، إنما كان «يتقاضى أربعة أرطال من الخبز ، وحزمتين من الخضروات ، وقطعة من
__________________
(١) خروج ٥ : ٤.
(٢) سورة القصص : آية ٤.
(٣)J. Cerny, Egypt from the Death of Ramesses, III, to the End of the Twenty First Dynasty,
١٨.p ، ١٩٦٥.Cambridge
(٤) أرمان ، رانكة : مصر والحياة المصرية في العصور القديمة ، ترجمة عبد المنعم أبو بكر ، القاهرة ١٩٥٣ ص ١٢٤.