نومه ، والثاني أن الرسول هو المبعوث إلى أمة ، والنبي هو المحدث الذي لا يبعث إلى أمة ، والثالث أن الرسول المبتدئ بوضع الشرائع والأحكام ، والنبي هو الذي يحفظ شريعة غيره (١).
ومن هنا يذهب الإمام الطحاوي في العقيدة (ص ١٦٧) إلى أن الرسول أخص من النبي ، وأن الرسالة أعم من جهة نفسها فالنبوة جزء من الرسالة ، إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها ، بخلاف الرسل ، فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم ، بل الأمر بالعكس ، فالرسالة أعم من جهة نفسها ، وأخص من جهة أهلها.
وأما عدد الأنبياء والرسل ، فعلم ذلك عند ربي جل جلاله ، ولكننا نعرف من القرآن الكريم أسماء خمسة وعشرين من هؤلاء المصطفين الأخيار (٢) ، ونعلم كذلك أنه ما من أمة إلا وجاءها رسول من عند الله العلي القدير ، فلقد اقتضت حكمة الله تعالى في الأمم ، قبل هذه الأمة ، أن يرسل في كل منها نذيرا ، ولم يرسل رسولا للبشرية كلها ، إلا سيدنا محمد (ص) ، واقتضى عدله ألا يعذب أحدا من الخلق ، إلا بعد أن تقوم عليه الحجة (٣) ، قال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٤) ، ومن هنا كثر الأنبياء والرسل في تاريخ البشرية كثرة هائلة ، قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا
__________________
(١) أبو الحسن الماوردي : المرجع السابق ص ٣٨.
(٢) هم آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وشعيب وموسى وهارون ويونس وداود وسليمان وإلياس والسبع وزكريا ويحيى وعيسى ، وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد (ص) ، وفي حديث أبي ذر ، منهم أربعة من العرب : هود وصالح وشعيب ومحمد (ص) (انظر تفسير ابن كثير ٢ / ٤٢٢ ، تفسير البيضاوي ٢ / ٣١٢).
(٣) عمر سليمان الأشقر : المرجع السابق ص ١٧.
(٤) سورة الإسراء : آية ١٥.