الذي من عدوه فوكزه (١) موسى فقضى عليه ، قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ، قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين (٢)».
ولم يكن المجرمون الذين عزم موسى عليهالسلام على ألا يظاهرهم ويناصرهم ، إلا هؤلاء من بني إسرائيل ، وهكذا ندم موسى على أن ظاهر الإسرائيلي ضد المصري ، فكان من نتيجة ذلك أن قتل نفسا حرم الله قتلها ، ومن ثم فقد عزم ، بعد أن تاب وأناب ، ألا يكون ظهيرا للمجرمين ، وهذه العبارة قد يستشف منها أن الكليم عليهالسلام إنما كان يستخدم نفوذه في مناصرة بني إسرائيل ، وكف أيدي المصريين عنهم ، ويبدو أن شبح القتيل إنما كان يلوح أمام عينه ، ويعترض طريقه أينما ذهب ، وأن خوف الثأر أو القصاص إنما كان يملأ حياته قلقا وأرقا (٣) ، ومهما يكن من أمر ، فسرعان ما يعثر القوم على جثة القتيل ، فيطلب أهله من فرعون أن يأخذ لهم القصاص من قاتله ، غير أن الفرعون إنما يمهل القوم إلى حين ، حتى تكشف الشرطة عن الجاني ، وتأتي بمن يشهد على أنه القاتل ، أو أن ذلك المصري عند ما سمع الإسرائيلي في اليوم التالي يقول لموسى : «أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس» ، فلقفها من فمه ثم ذهب بها إلى باب فرعون وألقاها عنده ،
__________________
ـ إسرائيلي ، والآخر مصري ، واحتج على أنه موسى قال له : «إنك لغوي مبين» ، والمشهور الذي كان من شيعته مسلما لأنه لا يقال لمن يخالف الرجل في دينه وطريقه إنه من شيعته ، وقيل إن المصري كان طباخ فرعون وقد سخر الإسرائيلي لحمل الحطب إلى مطبخه ، وقيل الرجلان المقتتلان أحدهما السامري ، وهو الذي من شيعته ، والآخر طباخ فرعون.
(١) الوكز : الضرب بجمع اليد ، وقال قتادة بعصا كانت معه ، والمفهوم من التعبير أنها وكزة واحدة كان فيها حتف المصري ، مما يشي بقوة موسى وفتوته ، ويصور كذلك انفعاله وغضبه ، ويعبر عما كان يخالجه من الضيق بفرعون ومن يتصل به (في ظلال القرآن ٥ / ٢٦٨٢).
(٢) سورة القصص : آية ١٥ ـ ١٧.
(٣) عبد الرحيم فودة : المرجع السابق ص ١٦٠.