فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ) (١) ، وسرعان ما صارت الحبال والعصي ، كما تقول التوراة ، ثعابين ، أو بالأحرى خيل إليهم من سحرهم إنها تسعى وكما نص الذكر الحكيم (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) ، قال الزمخشري : استرعبوهم وأرهبوهم إرهابا شديدا ، وحسبنا أن يقرر القرآن الكريم أنه سحر عظيم ، لندرك أي سحر كان ، وحسبنا أن نعلم أنهم سحروا أعين الناس وأثاروا الرهبة في قلوبهم ، واسترعبوهم ، لنتصور إي سحر كان ، ولفظ «استرهب» ذاته لفظ مصور ، فهم استجاشوا إحساس الرهبة في الناس وقسروهم عليه قسرا ، ثم حسبنا أن نعلم من النص القرآني الآخر في سورة طه أن موسى عليهالسلام قد أوجس في نفسه خيفة ، لنتصور حقيقة ما كان ، يقول الله تعالى : (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ، قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ، وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ ، وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ، فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) (٢).
وجاء في تفسير ابن كثير : قال ابن عباس : فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم ولا من خشبهم إلا التهمته ، فعرفت السحرة أن هذا شيء من السماء ، ليس هذا بسحر ، فخروا سجدا ، وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى
__________________
ـ سخرة في بناء المدن ورعي مواشيهم ، ثم كيف يستعين فرعون ببني إسرائيل على موسى الذي جاء لينقذهم من فرعون الذي كان يذبح أبناءهم ويستبي نساءهم ، ثم إن سياق القصة في القرآن يشير إلى استعانة فرعون بالسحرة المصريين ، وليس ببني إسرائيل.
(١) سورة الشعراء : آية ٤٤.
(٢) سورة الأعراف : آية ١١٦ ، طه : آية ٦٥ ـ ٧٠ ، في ظلال القرآن ٣ / ١٣٤٩ ، تفسير الطبري ١٣ / ٢٨.