العظيم ، إنما تجعل فترة التيه أربعين سنة (١) ، بينما فترة التيه هنا تتجاوز القرنين من الزمان ، وهي فترة أطول بكثير مما يجب ، ومما افترضته التقاليد العبرانية ، كما يرى «هول» نفسه (٢).
وأما أدلة «باهور لبيب» ، غير اعتماده على رواية مانيتو ، كما نقلها يوسف اليهودي ، فإنها تقوم أساسا على ما ذهب إليه من أن الهكسوس ساميون ، ومن فلسطين ، وبالتالي فهم يهود ، والواقع أن رأيه هذا يحمل كثيرا من وجوه الخطأ ، منها (أولا) أن وجود أسماء كنعانية بين الهكسوس ، لا يعني أن اليهود كنعانيون ، وإن كان كل منهما ينتمي إلى نفس المجموعة البشرية السامية وإن كانت التوراة ترفض ، لأسباب سياسية ودينية ، أن يكون الكنعانيون ساميين (٣) ، مع أنهم كانوا يعلمون ما بينهم وبين الكنعانيين من صلات لغوية وبشرية (٤) ، ومنها (ثانيا) أن العبرانيين لم تكن لهم لغة خاصة بهم قبل عام ١٠٠٠ ق. م ، إذ كانوا يتكلمون الآرامية قبل دخولهم فلسطين ، والكنعانية بعد ذلك ، كما أن اللغة العبرية نفسها ، ليست إلا خليطا من الآرامية والكنعانية وكثير من اللغات السامية وغير السامية (٥) ، ومن ثم فإن الاعتماد على اللغة كأساس للعلاقة بين اليهود والهكسوس ، اعتماد مضلل لا يثبت تلك العلاقة ، ومنها (ثالثا) أن القول بأن اليهود كانوا يعبدون الحمار ، قول غير صحيح ، على وجه اليقين ، بل إنه من المؤكد أن بني إسرائيل كانوا
__________________
(١) أنظر : سورة المائدة : آية ٢٦ ، حيث يقول تعالى : (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ، فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) ، وانظر : سفر العدد ١٤ / ٣٣ ، أعمال الرسل ٧ / ٣٦ ، ٤٠.
(٢) ٤٠٨.H.R.Hall ,op ـ cit ,P ..
(٣) تكوين ١٠ / ٦.
(٤) أنظر : محمد بيومي مهران : الساميون والآراء التي دارت حول موطنهم الأصلي ـ الرياض ١٩٧٤ ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨.
(٥) فؤاد حسنين : التوراة الهيروغليفية ص ٤ ، نجيب ميخائيل : المرجع السابق ص ٣٢.