وهكذا أخبر القرآن في غير موضع أن الأنبياء جميعا إنما كان دينهم الإسلام ، كما في سورة البقرة وآل عمران والمائدة والأعراف ويونس ويوسف والأنبياء والحج والنمل والقصص والشورى وغيرها (١) ، وهكذا يبدو واضحا أن دين الله واحد منذ الأزل إلى مبعث محمد (ص) إلى يوم الدين «إن الدين عند الله الإسلام» ، فالدين منذ القدم هو دين الإسلام «هو حاكم المسلمين من قبل» ، من قبل مبعث محمد ، ومن قبل مبعث إبراهيم ، وقد سمي الله منذ الأزل «مسلما» كل من اعتنق أسس هذه الدين ، دين الله ، وسار على مضامينه من : إسلام الوجه لله ، وانقياد له ، وتوكل عليه ، وتسليم الأمر لمدبر الأمر وصرف الكون ، ومن هذا يتضح أن وصف الإسلام ليس منصبا على كل من آمن بدعوة محمد (ص) في عهد محمد أو من بعده فحسب ، بل هو وصف ولقب أطلقه الله من قبل على كل من آمن برسوله الذي بعث في زمنه ، وبكل من وحّد ربه وأسلم وجهه وقلبه وأمره كله لله رب العالمين ، والمسلم في عرف القرآن هو كل من آمن برسوله وكل من وحّد الله من الأزل حتى اليوم ، ومن هذا يتضح أن محمد (ص). لم يأت بدين جديد مستقل ، وإنما جاء ليصلح دين الله مما طرأ عليه من مغالاة وزيادة وجهالة ، وليهدي الأمم القادمة على الطريق إلى الدين الأول الذي أرسل الله به سائر الرسل ، والذي كمله محمد (ص) وأتمه الله على يد محمد (ص) بما جعله
__________________
(١) انظر : سورة البقرة : آية ١٢٨ ، ١٣٢ ، ١٣٦ ، آل عمران : آية ٥١ ـ ٥٣ ، ٦٤ ـ ٦٧ ، ٨٣ ـ ٨٥ ، المائدة : آية ٣ ، ٤٤ ، ١١ ، الأعراف : آية ١٢٦ ، يونس : آية ٧٢ ، ٨٤ ، ٩٠ ، يوسف : آية ١٠١ ، الأنبياء : آية ١٠٨ ، الحج : آية ٧٨ ، النمل : آية ٣١ ، ٣٨ ، ٤٢ ، القصص : آية ٥٢ ، الزمر : آية ١٢ ، فصلت : آية ٣٣ ، الشورى : آية ١٣ ، وانظر : محمد بيومي مهران : المرجع السابق ص ١٣٤ ـ ١٣٥ ، محمد عبد الله دراز : الدين : بحوث ممهدة لدراسة الأديان ـ القاهرة ١٩٦٩ ص ١٨٣ ، محمود أبو رية : المرجع السابق ص ٦٠ ـ ٦٧ ، مناع القطان : الإسلام شريعة الله الخالدة إلى البشر كافة ـ الرياض ١٩٧٤ ص ١١ ـ ٤٠ ، تفسير المنار ١ / ٦٧ ، ٤٧٧.