دينا أزليا للناس كافة إلى يوم الدين (١).
وفي هذا يقول سيدنا رسول الله (ص) ، فيما أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة ، «مثلي في النبيين كمثل رجل بني دارا فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع لبنة لم يضعها ، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة ، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة» (٢) ، وفي رواية للبخاري. «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي ، كمثل رجل بنى بيتا فحسنه وجمله إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ، فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين» (٣).
ومن هنا فإن نبوة القرآن الكريم إنما تؤمن بكل ما سبقها من نبوات ، لأن الهدف واحد ، والعقيدة واحدة ، فالأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم ، دينهم واحد ، وإن تنوعت شرائعهم (٤) ، وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال : «إنا معشر الأنبياء ديننا واحد» (٥) ، قال تعالى :
__________________
(١) محمود بن الشريف : الأديان في القرآن ـ جدة ١٩٧٩ ص ٣٠ ـ ٣٣.
(٢) الحديث : اخرجه أيضا الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن جابر بن عبد الله ، وأخرجه الإمام أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري.
(٣) صحيح البخاري ـ كتاب المناقب ـ باب خاتم النبيين ـ دار الشعب ـ القاهرة ١٣٧٨ ه ٤ / ٢٢٦.
(٤) مجموعة فتاوي ابن تيمية ـ الرياض ١٣٨١ ه ١ / ٣٥٧.
(٥) روي الحديث الشريف بعدة روايات ، فرواية في البخاري ومسلم وأحمد ، أنه (ص) قال : «أنا أولى الناس بعيس بن مريم في الدنيا والآخرة ، والأنبياء اخوة من علات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ، وفي رواية أخرى للبخاري «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي» ، وفي رواية ثالثة «نحن معاشر الأنبياء اخوة لعلات ديننا واحد» ، يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله وضمه كل كتاب أنزله ، وأبناء العلات أبناء الضرائر ، يكون أبوهم رجلا واحدا ، وأمهاتهم متعددات وكذلك الرسل ربهم الذي أرسلهم إله واحد ، ورسالاتهم متعددة بتعدد بلادهم ، أي إن الدين واحد ، وهو عبادة الله ـ