وهنا يبدأ «فرويد» يتحدث عن ديانة إخناتون ، ثم يعقد مقارنة بينها وبين ديانة العبرانيين ، فيقدم لنا صورة عن عقيدة الشمس منذ نشأتها حتى أيام إخناتون (١٣٦٧ ـ ١٣٥٠ ق. م) ، ثم اعتناق الفرعون لعقيدة التوحيد ، وتمجيده لها في أناشيده (١) ، وعلى أن إله الشمس هو الخالق والحافظ لكل الكائنات ، وعن الحرارة التي تبدو في تسبيحاته ، والتي تسبه تلك التي تسري بعد ذلك ببضعة قرون في المزامير التي تمجد «يهوه» إله اليهود (٢) ، غير أن إخناتون ، على وجه اليقين ، لم يعبد الشمس على أنها شيء مادي ، وإنما على أنها الكائن مقدس تنم هذه الأشعة عن قدرته ، وهو أمر ذهب إليه من قبل كثير من الباحثين ، من أمثال إرمان وبرستد وهول وغيرهم (٣) ، هذا فضلا عن إخناتون قد أضاف إلى فكرة عالمية الرب شيئا جديدا أوضح فيه فكرة الوحدانية ، وهي الطبيعة الخاصة به ، ومن ثم فهو يقول في تسبيحاته «اللهم إنك أنت الإله الواحد الذي ليس معه سواه» (٤) ، ومن هنا فقد أغلقت معابد الآلهة في كل أنحاء الإمبراطورية المصرية ، وصودرت ممتلكاتها ، وعطلت شعائرها ، وضرب الحجز على خزائن الكهنوت ، وذهب إخناتون في حماسه إلى حد أنه أمر بفحص الآثار المصرية ، ومحو كلمة «الآلهة» حيثما وجدت منقوشة عليها في صيغة الجمع ، لأن الله واحد لا يجمع (٥) ، كما حرم
__________________
(١) أنظر : عن عقيدة الشمس قبل أيام إخناتون ، وعن التوحيد في دعوة إخناتون وأناشيده (محمد بيومي مهران : إخناتون ص ٢٩٥ ـ ٣١٥ ، ص ٣٣٧ ـ ٣٨٢).
(٢) ٢١ S.Frued ,op ـ cit ,P ..
(٣) محمد بيومي مهران : إخناتون ص ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ، أدولف إرمان : ديانة مصر القديمة ص ١٢٥ ـ ١٤٦
ـ القاهرة ١٩٥٢ (مترجم) ، وكذا ٣٠٠ ـ ٢٩٨.H.R.Hall ,op ـ cit ,P.
٢١ ـ ٢٢ S. Freud, op ـ cit., P.
(٤) ٢٨٠ ـ ٢٧٨.p ، ١٩٣٩. J.H.Breasted ,The Dawn of Consciencen ,N.Y.,
(٥) أدولف إرمان : المرجع السابق ص ١٣٣ – ١٣٨ وكذا ٢٢ ـ ٢١. S.Freud ,op ـ cit ,P وكذاJ.H ٢٨٠
. ٢٢Breasted ,op ـ cit ,P ..