من تسخير فرعون للعبرانيين في إنشاء مدينة ضخمة في أرض جوشن بشرق الدلتا ، تقول التوراة «فجعلوا عليهم (أي بني إسرائيل) رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم ، فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس» (١) ، واعتمادا على هذا النص رأى البعض أن بني إسرائيل بنوا لفرعون التسخير مدينتين ، الواحدة فيثوم ، والثانية رعمسيس ، وقد دلت الحفائر على أن الأولى قد أعيد بناؤها ، وأن الثانية قد أنشئت في عهد رعمسيس الثاني ، وأن الإشارة إلى المدينتين في سفر الخروج لا يمكن أن تكون مصادفة ، لأن ذلك إنما يتطابق مع كل ما نعرفه من المصادر الأخرى عن إقامة بني إسرائيل في مصر ، لدرجة أنها يمكن أن تعتبر تقاليد يمكن الاعتماد عليها ، فإذا كان ذلك كذلك ، فإن هذه المعلومات لها وزن تاريخي أكثر من الافتراض المبهم حول الظروف التاريخية ، وتاريخ دخول بني إسرائيل مصر.
وانطلاقا من هذا كله ، فقد نظر بعض الباحثين إلى رعمسيس الثاني ، على أنه «فرعون التسخير» (٢) ، وهو أمر يتفق تماما مع نشاطه البنائي الكبير ، بخاصة وأنه قد استقر في شرق الدلتا ، وأن الانطباع العام الذي يعطيه لنا سفر الخروج أن بني إسرائيل إنما كانوا يقيمون في مكان ما ليس بعيدا عن البلاط الملكي في قنتير ، هذا فضلا عن أن المزمور (٧٨) إنما يعطينا تأكيدا بأنهم قد عاشوا في «أرض مصر في حقول صوعن» (٣) ، وصوعن هو الإسم العبري لمدينة «تانيس» (على مبعدة ١٩ كيلا من قنتير) حيث كان بلاط الفرعون في هذه المنطقة في عهد رعمسيس الثاني ، وليس في فترة مبكرة على أيام تحوتمس الثالث.
__________________
(١) خروج ١ / ١١.
(٢) ١٢٠ M.Noth ,op ـ cit ,P ..
(٣) مزمور ٧٨ / ١٢ ، ٤١.