آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ، ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ») (١). قال الإمام علي وابن عباس ، رضياللهعنهما ، ما بعث الله نبيا من الأنبياء ، إلا أخذ عليه الميثاق ، لئن بعث الله محمدا : وهو حي ، ليؤمنن به ولينصرنه ، وقال الحسن البصري وقتادة : أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا ، وهذا لإيضاح ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه (٢).
وصدق سيدنا رسول الله (ص) حين صوّر الرسالات السماوية في جملتها أحسن تصوير في قوله (ص) : «مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأحسنه وجمّله إلا موضع لبنة ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة ، فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين» (٣).
وقريب من هذا ما يراه بعض الباحثين من أن صلاة المصطفى (ص) بالأنبياء ، ليلة أن أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، إنما تشير إلى وحدة الرسالات والنبوات ، وأنها جميعا من عند الله ، وأن الأنبياء والمرسلين إنما أرسلوا من أجل هداية الناس ، ودعوتهم إلى التوحيد (٤).
وبدهي أن ذلك كذلك ، لأن دين جميع الأنبياء واحد في التوحيد وروح العبادة ، وتزكية النفس بالأعمال التي تقوّم الملكات وتهذب
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٨١ ، وانظر : تفسير المنار ٣ / ٢٨٧ ـ ٢٩٠ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٥٥ ـ ٥٧ ، تفسير الطبري ٦ / ٥٥٠ ـ ٥٦١.
(٢) مختصر تفسير ابن كثير ١ / ٢٩٦.
(٣) صحيح البخاري ٤ / ٢٢٦ (دار الشعب ـ القاهرة ١٣٧٨ ه).
(٤) عبد الله شحاتة : المرجع السابق ص ٨ ، وانظر : عماد الدين خليل : المرجع السابق ص ١١٥ ـ ١١٦.