على عقيدة دينية ، فإنهم أسفوا على ما تعودوه من المراسيم الدينية في مصر ، وودوا لو أنهم يعودون إليها ويعيدونها منسوخة ممسوخة في الصحراوات (١).
كانت سيناء منذ أقدم العصور من أوفر مصادر مصر بالفيروز والنحاس ، كانت مستودعا غنيا بالنحاس ومن كريم الحجر وبالفيروزج بنوع خاص ، ومن ثم فقد كانت ميدانا لنشاط اقتصادي خصيب ، حرص ملوك مصر منذ طلائع الأسرة الأولى على رعايته وحمايته ، وهكذا كان من الواجبات الملقاة على عاتق الملوك منذ قيام الملكية المصرية ، حوالي عام ٣٢٠٠ قبل الميلاد ، أن يكفلوا حماية القوافل وبعثات المناجم والمحاجر التي تجوس خلال الصحراوات في سيناء ، كما تشير إلى ذلك الأدلة التاريخية من عهد الملك «جر» و «دن» (وديمو) من الأسرة الأولى (٢) ، مما يدل على أن مصر إنما كانت جد حريصة على حماية سيناء منذ عصورها المبكرة ، الأمر لم تتخل عنه مصر أبدا.
وعلى أي حال ، فلقد كانت مناجم الفيروزج تكثر في وادي مغارة وسرابة الخادم ، حيث أقيم معبد للإلهة «حاتحور» ربه الفيروزج منذ أيام الدولة الوسطى التي عملت على استغلال تلك المنطقة باهتمام كبير ، وما زالت تلك البقاع من سيناء تحفظ على صخورها آلافا من نقوش المصريين ، ممن كانوا في تلك البقاع عاملين ، وفي الوقت نفسه للإلهة «حاتور» متعبدين (٣) ، وقد حدث في سيناء منذ أقدم العصور التاريخ الفرعوني اتصال بين الإلهة المصرية «حاتور» (والتي كانت الصفة القمرية من بين صفاتها العديدة في مصر) وبين الإلهة السامية القمرية التي كانت تعبد في الكهف
__________________
(١) عباس العقاد : مطلع النور ـ أو طوالع البعثة المحمدية ـ القاهرة ١٩٦٨ ص ١٠٧.
(٢) ZAS ,XXXV ,P.F ٧. وكذاA.H.Gardiner ,Egypt of the Pharaohs ,Oxford , ٤١٥ ـ ٤١٤.p ، ١٩٦٤
(٣) أحمد عبد الحميد يوسف : المرجع السابق ص ١٢٥ ، ١٧٥.