يجعل من «أبيس» ، وكذا «منقيس» عجل أون ، رسولين يقومان بتبليغ الرسائل إلى إلههما ، وهو اعتقاد يرجع كذلك إلى عهد الدولة الحديثة (١٥٧٥ ـ ١٠٨٧ ق. م) (١)
هذا وقد قام جدال طويل حول حقيقة «العجل» الذي عبده بنو إسرائيل أثناء غياب موسى عليهالسلام ، فمن قائل أنه كان تمثالا أجوف من ذهب صاغه السامري من الحلي ، وصنع بحيث إذا استدبر الريح دخلت جوفه وخرجت من فمه بصوت جهير يشبه خوار البقر ، ومن قائل إن هذا الرجل المحتال خدع بني إسرائيل وأخذ منهم الحلي ، ثم رأى عجلا على هيئة العجول التي رآها تعبد في مصر ، فاشتراه وقدمه لهم ، على أنه إله ، فقال «هذا إلهكم وإله موسى» ، ومن قائل غير هذين الرأيين ، ولكن المتفق عليه من الكتب السماوية (التوراة والإنجيل والقرآن العظيم) أنهم عبدوا عجلا ، أيا كان هذا العجل (٢).
ويختلف المؤرخون المحدثون حول عبادة العجل الذي عبده بنو إسرائيل ، ففريق ينسبها إلى عبادة الإلهة «حاتحور» وفريق ينسبها إلى عبادة العجل «أبيس» ، ذلك أن «سير ليوناردو وولي» (٣) إنما يذهب إلى أن بني إسرائيل عند ما دخلوا منطقة جنوب سيناء ، حيث أقام المصريون المشتغلون بالتعدين معبدا لحاتور ، ارتدوا عن الوحدانية إلى العقائد التي اكتسبوها في
__________________
(١) أدولف إرمان : المرجع السابق ص ٣١.
(٢) عبد الرحيم فودة : من معاني القرآن ص ٢٠١ ، وانظر : تفسير الطبري ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٥ ، تفسير النسفي ١ / ٤٨ ، ٢ / ٧٧ ـ ٧٨ ، مختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٥١ ـ ٥٢ ، تفسير البيضاوي ٣ / ٢٧ ـ ٢٨ ، تفسير الخازن ١ / ٥٩ ـ ٦٢ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٢٢ ـ ٤٢٥ ، ابن الأثير ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٣) ٥١٥ ـ ٥١٣.p ، ١٩٦٥. Sir Leonard Wolley, The Beginnings of Civilization, N. Y,