القبيحة التي آذوا بها نبيّهم ، والتي تكاد لا تحصى.
وفي هذه المرة يطلب بنو إسرائيل من موسى عليهالسلام ، حتى يؤمنوا ، أن يروا الله جهرة ، وكأنهم بعد كل هذه المعجزات لم يؤمنوا بموسى وإله موسى ، فيطلبون منه ، في مقابل إيمانهم ، رؤية الله جهرة ، قال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ، ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١) ، هذا وقد اختلف العلماء في طلب الرؤية ، وهل كانت قبل التوبة من عبادة العجل أم بعدها ، فمن قائل إنها كانت قبل التوبة ، ومن قائل إنها بعدها ، وهذا ما نميل إليه ، روى الطبري عن السدي : أن بني إسرائيل لما تابت من عبادة العجل ، وتاب الله عليهم بقتل بعضهم بعضا ، أمر الله تعالى موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ووعدهم موعدا ، فاختار موسى من قومه سبعين رجا على عينه ، ثم ذهب بهم ليعتذروا ، فلما أتوا إلى ذلك المكان ودنا موسى من الجبل ووقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ، ودنا القوم حتى دخلوا في الغمام وقعوا سجودا ، فسمعوا الله يكلم موسى يأمره وينهاه ، فلما انكشف عن موسى الغمام أقبل إليهم ، فقالوا له : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) ، فإنك قد كلمته فأرناه ، فأخذتهم الصاعقة فماتوا ، فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب ما ذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم ، وقد أهلكت خيارهم ، رب لو شئت أهلكتهم وإياي ، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، فأوحى الله إليه : إن هؤلاء السبعين ممن اتخذ العجل ، ثم إن الله تعالى
__________________
ـ وقال السدي عن ابن مسعود : قيل لهم ادخلوا الباب سجدا فدخلوا مقنعي رءوسهم ، أي رافعي رءوسهم ، خلاف ما أمروا ، وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوسلم : قيل لبني إسرائيل أدخلوا الباب سجدا وقولوا حطة ، فدخلوا يزحفون على أستاههم ، فبدلوا وقالوا حبة في شعرة» (مختصر تفسير ابن كثير ١ / ٦٨).
(١) سورة البقرة : آية ٥٥ ـ ٥٦.