قيادته وفي ظل لوائه ، ولكن الإسرائيليين شعب لم يؤمن بنبيّه (١) ، شعب ليس في كيانه إلا عواطف ذليلة خانعة ، وكيف يستطيع شعب ذليل لا يعرف سوى رائحة الشواء عند قدور اللحم في مصر ، وإن استعبد من أجل ذلك وذل ، وكيف يستطيع شعب كهذا أن يخوض المعارك ، حتى وإن كان قائده كليم الله موسى عليهالسلام.
وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ ، قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ ، قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها ، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٢).
ويقول ابن كثير في التفسير : وهذا نكول منهم عن الجهاد ومخالفة لرسولهم ، وتخلف عن مقاتلة الأعداء ، ويقال إنهم لما نكلوا على الجهاد وعزموا على الانصراف والرجوع إلى مصر ، سجد موسى وهارون عليهماالسلام قدام ملأ من بني إسرائيل ، إعظاما لما هموا به ، وشق يوشع بن نون وكالب بن يفنة ثيابهما ، ولا ما قومهما على ذلك ، فيقال إنهم رجموهما ، وجرى أمر عظيم وخطر جليل (٣) ، وقال الصابوني في صفوة التفاسير : وهذا
__________________
(١) عبد الراجحي : الشخصية الإسرائيلية ـ الاسكندرية ١٩٦٨ ص ٩٠.
(٢) سورة المائدة : آية ٢١ ـ ٢٤ ، وانظر : تفسير روح المعاني ٤ / ١٠٦ ـ ١٠٨ ، تفسير الطبرسي ٦ / ٦٥ ـ ٦٨ ، تفسير الطبري ١٠ / ١٧١ ـ ١٨٧ ، تفسير المنار ٦ / ٢٦٥ ـ ٢٧٦ ، تفسير الكشاف ١ / ٦١٩ ـ ٦٢١ ، تفسير القرطبي ص ٢١٢٠ ـ ٢١٢٥ ، تفسير النسفي ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ، في ظلال القرآن ٦ / ١٢٤ ـ ١٢٦.
(٣) تفسير ابن كثير ٣ / ٦٨ ـ ٧٣.