موسى الكليم عليهالسلام ، وأقام الله فيهم يشوع بن نون نبيا خليفة عن موسى بن عمران ، ومات أكثر بني إسرائيل هناك في تلك المدة ، ويقال إنه لم يبق منهم أحد سوى يوشع وكالب ، وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس قوله : فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض» قال : فتاهوا أربعين سنة ، قال : فهلك موسى وهارون في التيه ، وكل من جاوز الأربعين سنة ، فلما مضت الأربعون سنة ناهضهم يوشع بن نون ، وهو الذي قام بالأمر بعد موسى ، وهو الذي افتتحها (أي الأرض المقدسة) (١).
وأما سبب فكرة التيه أربعين سنة في البرية ، فهو موضع خلاف بين العلماء ، فهناك من يرى أنها كانت بسبب خوف الإسرائيليين من المصريين ، وانتظارا للوقت المناسب الذي تضعف فيه السيادة المصرية على كنعان فيدخلونها آمنين (٢) ، ومن ثم فقد مضت أربعون سنة قبل أن يدخل بنو إسرائيل أرض الميعاد ، حيث استطاع موسى أن يكوّن من هؤلاء العبيد المحررين حديثا ، وحدة واحدة ، وأمة منظمة ، وأن يطبعهم بطابع الصفات الخلقية الروحية التي كان يتطلبها قدرهم (٣).
والرأي عند «ابن خلدون» أن التية إنما كان لإفناء أبناء الجيل الذين خرجوا من قبضة الذل والقهر والقوة ، وإنشاء جيل آخر عزيز ، لا يعرف
__________________
ـ فأحيوا ، وفي رواية في تفسير الخازن : أن موسى لما اتهم بقتل هارون أمر الله الملائكة فحملوه حتى مروا به على بني إسرائيل وتكلمت الملائكة بموته ، فصدقت بنو إسرائيل أنه مات وبرأ الله موسى مما قالوا ، ثم إن الملائكة حملوه ودفنوه ، ولم يطلع على قبره أحد ، (تفسير الطبري ١٣ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، تفسير الخازن ٢ / ٣٤ ، ثم قارن عدد ٢٠ / ٢٢ ـ! ٢ ، حيث يرى أن هارون مات ودفن على رأس جبل هور).
(١) مختصر تفسير ابن كثير ١ / ٥٠٤ ، وانظر تفسير النسفي ١ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠.
(٢) حسين فوزي النجار : أرض الميعاد ـ القاهرة ١٩٥٩ ص ١٥٦.
(٣) ٣٢.p ، ١٩٧٠. I.Epstein ,Judaism ,