هذا وتشير التوراة إلى أن يوسف الصديق قد ولد لأبيه من زوجته الثانية «راحيل» ، ابنة خال أبيه لابان في «حاران» (وتقع على نهر بلخ على مبعدة ٦٠ ميلا من اتصاله بالفرات ، وإلى الغرب من تل حلفا ، وعلى مبعدة ٢٨٠ ميلا إلى الشمال الشرقي من دمشق) ، وكان يعقوب عليهالسلام قد تزوج من أختها الكبرى «ليئة» ، ثم تزوج من راحيل ، ثم من جاريتها بلهة ، ثم من زلفة جارية ليئة (١) ، وهكذا جمع يعقوب تحته الشقيقتين ، فضلا عن جاريتيهما ، وكان ذلك ، فيما يرى ابن كثير ، سائغا في ملتهم ، ثم نسخ في شريعة التوراة ، وهذا وحده دليل كاف على وقوع النسخ ، لأن فعل يعقوب عليهالسلام دليل على جواز هذا وإباحته لأنه معصوم (٢) ، بل إن الطبري (٣) يرى في ذلك قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، وإن كان المفسرون يجمعون أو يكادون ، على أن المراد بقوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) أي في الجاهلية قبل الإسلام ، وليس قبل نزول التوراة ، كما ذهب ابن كثير ، أي أن النسخ كان بالقرآن ، وليس بالتوراة ، على أية حال ، فلقد ماتت راحيل أم يوسف ، وهي تضع ابنها الثاني «بنيامين» ودفنت في بيت لحم (على مبعدة خمسة أميال جنوبي القدس) حيث ولد داود والمسيح عيسى بن مريم ، عليهماالسلام. (٤)
هذا وقد زود يعقوب عن زوجاته الأربع باثنى عشر ولدا ، فضلا عن
__________________
ـ ٢ / ٤٤ ـ ٤٧ ، تاريخ ابن الأثير ١ / ٧٨ ـ ٨٨ ، تفسير ابن عباس ٢ / ٤٩٧ ـ ٥٠٢ ، حسن محمد باجودة : الوحدة الموضوعية في سورة يوسف عليهالسلام ، جدة ـ ١٩٨٣ م.
(١) تكوين ٢٩ / ٢٣ ، ٢٨ ، ٣٠ / ٥ ، ٧٩.
(٢) تاريخ ابن كثير ١ / ١٩٥.
(٣) تاريخ الطبري ١ / ٣٢٠.
(٤) تكوين ٣٥ / ١٩ ـ ٢٠ ، تاريخ ابن كثير ١ / ١٩٧ ، محمد بيومي مهبران : إسرائيل ٢ / ٦٤٦ (الاسكندرية ١٩٧٨) ، وانظر عن قصة يوسف من الناحية التاريخية ودخول بني إسرائيل مصر (محمد بيومي مهران ـ إسرائيل ١ / ٢١٢ ـ ٢٦٠ ـ الاسكندرية ١٩٧٨)