شفع أحد شفاعة في الدنيا ، أعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيا ، قال الله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) ، وقال ابن عباس : نبىء هارون ساعتئذ ، وحين نبىء موسى ، عليهماالسلام ، روى عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر ، فنزلت ببعض الأعراف فسمعت رجلا يقول : أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه ، قالوا لا ندري ، قال أنا والله أدري ، قالت فقلت في نفسي في حلفه لا يستثني ، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه ، قال : موسى حين سأل لأخيه النبوة ، فقلت : صدق والله (أخرجه ابن أبي حاتم) (١).
وقد نبه سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مكانة موسى عليهالسلام في قوله الشريف ، الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم قد لطم وجهه وقال : يا محمد إن رجلا من أصحابك من الأنصار لطم وجهي ، قال ادعوه ، فدعوه ، قال لم لطمت وجهه ، قال يا رسول الله ، إني مررت باليهودي فسمعته يقول : والذي اصطفى موسى على البشر ، قال : وعلى محمد ، قال فقلت : وعلى محمد ، وأخذتني غضبة فلطمته ، فقال صلىاللهعليهوسلم : لا تخيروني من بين الأنبياء ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور».
وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : استب رجلان ، رجل من المسلمين ورجل من اليهود ، فقال المسلم : والذي اصطفى محمد على العالمين ، فقال اليهودي : والذي اصطفى موسى على
__________________
(١) سورة مريم : آية ٥٣ ، طه : آية ٢٩ ـ ٣٢ ، القصص : آية ٣٤ ، وانظر : تفسير النسفي ٣ / ٥١ ـ ٥٢ ، ١٧٩ ، ٢٣٦ ، صفوة التفاسير ٢ / ٢٣٣ ، ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، ٤٣٣ ـ ٢٣٤ ، مختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٤٥٥ ، ٤٧٤.