من عجب أن موسى عليهالسلام ، رغم أنه أعظم أنبياء بني إسرائيل ، وإليه تنسب توراتهم ، أو بمعنى أدق ، الأسفار الخمسة الأولى منها (التكوين والخروج واللاويون والعدد والتثنية) ، وأنه يحتل مكانة في التاريخ اليهودي ، لا يسمو إليها واحد من معاصريه أو اللاحقين به من قومه (١) ، ولهذا فهو يعدّ شيخا للأمة اليهودية ، بل إنه هو الذي كان سببا في وجود اليهودية كأمة ، مع ذلك كله ، فإنه لم ينج من كيد يهود وتطاولهم عليه ، ومن ثم فإننا نرى توراة يهود ، وليست توراة موسى عليهالسلام ، تتهمه ، مع أخيه هارون ، «بخيانة الرب ولم يقدسانه وسط بني إسرائيل» ، ومن ثم فقد كتب عليه ألا تطأ قدماه الأرض المقدسة أبدا (٢) ، وحين يتوسل إلى ربه الكريم ، أن يجعل من نصيبه عبور الأردن ، فإن رب إسرائيل إنما يغضب عليه ، ويطلب منه ألا يحدثه في هذا الأمر ، لأنه من نصيب فتاة يشوع ، دون سواه (٣).
وأما هارون عليهالسلام ، فهو ، في توراة يهود ، ومرة أخرى نقول
__________________
(١) تثنية ٣٤ / ١٠ ـ ١٢.
(٢) تثنية ٣٢ / ٤٨ ـ ٥٢.
(٣) تثنية ٣ / ٢٥ ـ ٢٩.