القضاة أيضا ، فينية ، على وجه اليقين ، كما جاء في قصة «دبورة» قاضية إسرائيل ونبيتها (١) ، ومنها (تاسعا) أن دعوة موسى في القرآن إنما بدأت بعد أن قضى الأجل الذي بينه وبين صهره شيخ مدين ، وبعد أن قرر العودة إلى مصر بأهله ، وفي الطريق إلى مصر ، وعند طور سيناء ، وفي ليلة مباركة ، اختاره الله تعالى رسولا نبيّا ، وعهد إليه برسالته إلى فرعون ، بينما هي في التوراة بدأت ، وموسى ما يزال عند صهره كاهن مدين يعمل عنده ويرعى غنمه (٢).
ومنها (عاشرا) أن من معجزات موسى وآيات نبوته أن يدخل يده في جيبه ، فتخرج ، كما في القرآن ، من غير سوء ، أي من غير برص ولا أذى ، بينما هي في التوراة تخرج برصاء مثل الثلج (٣) ، ومنها (حادي عشر) أن استعانة موسى بأخيه هارون عليهماالسلام في أداء الرسالة وتبليغ الدعوة ، إنما سببها في التوراة أن موسى احتج بأنه «ثقيل الفم واللسان» ، وأنه لن يستطيع أداء مهمته عند فرعون ، فحمى غضب الرب على موسى وقال : أليس هارون اللاوي أخاك ، أنا أعلم أنه يتكلم ..... فتكلمه وتضع الكلمات في فمه ، وأنا أكون مع فمك وفمه ، وأعلمكما ما ذا تصنعان ، وهو يكلم الشعب عنك ، وهو يكون لك فما وتكون له إلها» ، ومرة أخرى يقول موسى لربه : «هو ذا بنو إسرائيل لم يسمعوا لي ، فكيف يسمعني فرعون ، وأنا أغلق الشفتين» ، ولكن الأمر في القرآن غير ذلك ، فموسى عليهالسلام هو الذي دعا ربه ، بعد أن كلفه برسالته (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي ، يَفْقَهُوا قَوْلِي ، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ، هارُونَ أَخِي ، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) ، فأجابه ربه : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)
__________________
(١) خروج ٢ / ١٦ ـ ١٨ ، ٣ / ١ ، عدد ١٠ / ٢٩ ، قضاة ١ / ١٦ ، ٤ / ١١.
(٢) سورة طه : آية ٩ ـ ١٤ ، القصص : آية ٢٩ ـ ٣٠.
(٣) سورة طه : آية ٢٢ ، القصص : آية ٣٢ ، خروج ٤ / ٦ ـ ٧.