مدين ، إنما هي في القرآن الكريم سنون ثمان ، والأرجح أنها كانت عشرا ، فلقد روى عن سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قضي أكثر الأجلين وأطيبهما» ، وفي رواية : «قضى أوفاهما وتزوج صغراهما» ، كما أشرنا بالتفصيل من قبل ، وهي في التقاليد اليهودية والنصرانية أربعون عاما (١) ، ومنها (سادسا) أن موسى عليهالسلام في القرآن تلقى الدعوة من ربه من جانب الطور الأيمن في الوادي المقدس طوى ، بينما كان ذلك في التوراة على جبل الله حوريب (٢) ، ومنها (سابعا) أن التوراة تذهب إلى أن الفتاة التي تزوج منها موسى إنما كانت تدعى «صفورة» (٣) ، بينما أغفل القرآن الكريم ذكر اسمها ، كما أغفل اسم أبيها ، وكما أغفل أسماء النساء عامة ، إلا مريم ابنة عمران ، أم المسيح عليهالسلام ، فإنها انفردت بمعنى تذكر به وتشتهر ، وتذكر به قدرة الله التي أوجدت عيسى من غير أب ، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (٤).
ومنها (ثامنا) أن القرآن الكريم لم يذكر لنا اسم ذلك الشيخ الذي أصهر إليه موسى عليهالسلام ، بينما لم تستقر التوراة على رأي معين بشأنه ، وكذا قبيلته ، فهو في سفر الخروج «يثرون» كاهن مديان ، وهو في سفر العدد «حوباب بن رعوئيل» ، وهو مرة ثالثة في سفر الخروج كذلك «رعوئيل» نفسه ، وهو كاهن مديان كذلك ، بل إن التوراة لا تستقر على رأي واحد بشأن تلك القبيلة التي صاهرها موسى ، فهي مرة قبيلة مديانية ، كما رأينا كذلك ، وهي مرة أخرى ، كما في سفر القضاة ، قبيلة قينية ، ثم هي مرة ثالثة ، في سفر
__________________
(١) سورة القصص : آية ٢٧ ـ ٢٨ ، تفسير النسفي ٣ / ٢٣٤ ، مختصر تفسير ابن كثير ٣ / ١١ ، خروج ٧ / ٧ ، أعمال الرسل ٧ / ٣٠ ، قاموس الكتاب المقدس ٢ / ٩٣١.
(٢) سورة طه : آية ١٢ ، سورة القصص : آية ٢٩ ـ ٣٠ ، خروج ٣ / ١ ـ ٢.
(٣) خروج ٢ / ٢١.
(٤) سورة الأنبياء : آية ٩١.