يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) ، وهكذا فإن القرآن إنما ينفرد من دون التوراة ، بأن تدخل موسى إنما كان بناء على استغاثة هذا الذي من شيعته ، وعلى أن موسى قتل مصريا عن غير عمد ، وعلى ندم موسى على قتل المصري ، وعلى استغفاره لربه ، وأن الله تعالى قد غفر له ، وعلى عزمه ألا يكون ظهيرا للمجرمين ، وعلى أن موسى قد مرّ بمن استصرخه بالأمس ، فإذا به يستصرخه مرة أخرى ضد مصري آخر ، وعلى أن موسى قد وصف ذلك الإسرائيلي بأنه غوي مبين بسبب ميله إلى المشاكسة والخصام ، وعلى أن موسى حين همّ بنصرته على عدوهما المصري قال له : (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ ، إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) ، بينما رواية التوراة تذهب إلى أن أحدا لم يستصرخ موسى ، وإنما هو الذي التفت هنا وهناك ، وحين تأكد أن أحدا لن يراه قتل المصري وطمره في الرمل ، كما أن المخاصمة الثانية كانت ، في رواية التوراة ، بين رجلين عبرانيين ، وليس بين مصري وعبراني وحين أراد موسى أن يفض النزاع الذي نشب بينهما ، إذا بصاحبه الذي استصرخه بالأمس يرفض تدخله ، ويعلن أنه هو الذي قتل المصري بالأمس ، فلما طلبه فرعون للقصاص هرب إلى مدين ، ولا تتعرض لشيء آخر ، مما جاء في القصة القرآنية (١).
ومنها (رابعا) أن القرآن إنما يحدثنا عن ابنتين لشيخ مدين الذي صاهر موسى عليهالسلام ، بينما تتحدث التوراة عن سبع بنات ، فضلا عن أنها تجعل الرجل كاهنا لمدين (٢) ، ومنها (خامسا) أن إقامة موسى عليهالسلام في
__________________
(١) سورة القصص : آية ١٥ ـ ١٩ ، خروج ٢ / ١١ ـ ١٥.
(٢) سورة القصص : آية ٢٣ ـ ٢٦ ، خروج ٢ / ١٦.