بقيت الإشارة إلى أن هناك فريقا من المفسرين ذهب إلى أن أخوة يوسف كانوا أنبياء ، واستدلوا على ذلك بأنهم الأسباط المذكورون في آية آل عمران (٨٤) (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ، والصحيح أن الأسباط ليسوا أولاد يعقوب ، وإنما هم القبائل من ذرية يعقوب ، كما نبه عليه المحققون (١) ، هذا وقد جاء في المصباح المنير : السبط ولد الولد ، والجمع أسباط ، مثل حمل وأحمال ، والسبط : الفريق من اليهود ، يقال للعرب قبائل ، ولليهود أسباط ، ومن هنا ذهب المفسرون المسلمون إلى أن الأسباط هم بنو يعقوب ، كانوا اثنى عشر رجلا ، كل واحد منهم ولد سبطا ، أمة من الناس ، فسموا أسباطا ، هذا وقد بعث الله منهم عدة رسل ، غير أنه لم يصح أن أخوة يوسف بالذات كانوا أنبياء ، إذ لو كانوا كذلك لما أقدموا عليه من الأفعال الشنيعة ، فالحسد والسعي بالفساد ، والإقدام على القتل ، والكذب ، وإلقاء يوسف في الجب ، كل ذلك من الكبائر التي تتنافى في عصمة الأنبياء ، فالقول بأنهم أنبياء ، مع هذه الجرائم ، لا يقبله عقل حصيف (٢) ، ويقول ابن كثير : وظاهر ما ذكرنا من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على أنهم غير أنبياء ، ومن استدل بنبوتهم بآية آل عمران (٨٤) وزعم أن هؤلاء هم الأسباط فليس استدلال بقوى ، لأن المراد بالأسباط شعوب بني إسرائيل وما كان يوجد فيهم من الأنبياء ينزل عليهم الوحي من السماء ، ومما يؤيد أن يوسف عليهالسلام هو المختص من
__________________
(١) يذهب البعض إلى أن الأسباط كانوا من بني إسماعيل الذين أرسل الله إليهم رسلا ، لم يذكروا أسماءهم ولا أممهم ، وبخاصة من بني قحطان ، كقوم تبع وأصحاب الرس وسبأ (انظر صابر طيحة : بنو إسرائيل في ميزان القرآن ـ بيروت ١٩٧٥ ص ١٨١ ـ ١٩٦).
(٢) محمد علي الصابوني : صفوة التفاسير ٢ / ٤٥ ـ ٤٦ (بيروت ١٩٨١) ، تفسير الطبري ٢ / ١٢١ ، ٣ / ١١١ ، ١١٣ ، ٦ / ٥٦٩ ، تفسير الكشاف ١ / ١٩٥ ، تفسير روح المعاني ١٦ / ٦ ، في ظلال القرآن ٤ / ١٩٧٣ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ١ / ١٥٠.