ووثقت بمخلوق ، قال يا رب كلمة زلت مني ، أسألك يا إله إبراهيم وإله الشيخ يعقوب عليهمالسلام : أن ترحمني ، قال جبريل : فإن عقوبتك أن تلبث في السجن بضع سنين (١).
وجاءت ساعة الذكرى عند ما رأى الملك حلما غريبا لا يقدر تفسيره أحد ، فتذكر السجين السالف براعة يوسف ، ويشير به ، ثم ينهض إلى استفتائه فينطوي بالتأويل الصريح (٢) ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى : (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ ، وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ، يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ ، قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ ، وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ، يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ، قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (٣) ، قال الإمام الزمخشري : تأول عليهالسلام البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخاصيب ، والعجاف اليابسات بسنين مجدية ، ثم بشرهم بأن العام الثامن يجيء مباركا خصيبا ، كثير الخير ، غزير النعم ، وذلك من جهة الوحي (٤) ، لأن هذا العام الرخاء لا يقابله رمز في رؤيا الملك ، فهو إذن من العلم اللدني الذي علمه الله يوسف ، فبشر به الساقي ليبشر به الملك والناس بالخلاص من الجدب والجوع بعام رخي رغيد.
__________________
(١) تفسير القرطبي ٩ / ١٩٦.
(٢) محمد رجب البيومي : المرجع السابق ص ٢٢٥.
(٣) سورة يوسف : آية ٤٣ ـ ٤٩.
(٤) تفسير الكشاف ٢ / ٤٧٧.