الفاسق فله أن يستظهر به (١) ، وأما ابن كثير فيذهب إلى أنه يجوز للرجل أن يمدح نفسه ، إذا جهل أمره ، للحاجة ، ولهذا قال يوسف إنه حفيظ ، أي خازن أمين ، وعليم ، أي ذو علم وبصيرة بما يتولاه ، ومن ثم فقد طلب يوسف من الملك أن يوليه النظر فيما يتعلق بالأهراء ، لما يتوقع من حصول الخلل فيما بعد مضي سبع سنى الخصب لينظر فيها بما يرضي الله في خلقه من الاحتياط لهم والرفق بهم ، وأخبر الملك إنه حفيظ أي قوي على حفظ ما لديه ، أمين عليه ، عليم بضبط الأشياء ومصالح الأهراء ، وفي هذا دليل على جواز طلب الولاية لمن علم من نفسه الأمانة والكفاية (٢).
هذا ويتجه صاحب الظلال إلى أننا لا نريد أن نجيب بأن هذه القواعد (عدم طلب التولية وعدم تزكية النفس) إنما تقررت في النظام الإسلامي على عهد سيدنا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنها لم تكن مقررة على أيام يوسف عليهالسلام ، والمسائل التنظيمية في هذا الدين (الإسلام) ليست موحدة كأصول العقيدة الثابتة في كل رسالة وعلى كل رسول ، لا نريد أن نجيب بذلك ، وإن كان له وجه ، لأن الأمر يرتكن إلى اعتبارات أخرى لا بدّ من إدراكها ، لإدراك منهج الاستدلال من الأصول والنصوص ، وذلك لأن يوسف عليهالسلام لم يكن يعيش في مجتمع مسلم تنطبق عليه قاعدة عدم تزكية النفس عند الناس ، وعدم طلب الإمارة ، كما أنه كان يرى أن الظروف تمكن له من أن يكون حاكما مطاعا ، لا خادما في وضع جاهلي ، وكان الأمر كما توقع فتمكن بسيطرته من الدعوة لدينه ونشره في مصر في أيام حكمه ، وقد توارى العزيز ، وتوارى الملك تماما (٣).
__________________
(١) تفسير النسفي ٢ / ٢٢٧.
(٢) تفسير ابن كثير ٢ / ٢٥٤ (المختصر) ، البداية والنهاية ١ / ٢١٠ ، وانظر تاريخ الطبري ١ / ٣٤٧.
(٣) في ظلال القرآن ٤ / ٢٠٠٦ ، ٢٠١٣.